عرف اليوم الإعلامي الذي نظمته مصالح أمن ولاية الجزائر في ساحة البريد المركزي، بمناسبة إحياء اليوم العالمي للمخدرات مؤخرا، مشاركة مكثفة من قبل المجتمع المدني ممثلا في جمعية ”رعاية الشباب”، جمعية ”أجيالنا”، وكذا جمعيات أولياء التلاميذ، إلى جانب حضور مكثف للأئمة. وعن دور المجتمع المدني في استرجاع الشباب المدمن، عادت لكم ”المساء” بهذه الآراء. من بين الأجنحة التي شدت اهتمام الجمهور، جناح جمعية رعاية الشباب الذي تكفلت فيه المربيات بتقديم شروح وافية للشباب والأولياء الراغبين في الحصول على التوجيه، وفي حديث ل ”المساء” مع فريدة لبصير، مربية، قالت؛ ”إن الجمعية عرفت إقبال ما يزيد عن خمسة شباب اعترفوا بتعاطيهم للمخدرات، وطلبوا في المقابل المساعدة، حيث تم توجيههم على الفور إلى المستشفى المتنقل بغية إعطائهم التعليمات الضرورية وتوجيههم إلى المراكز الكفيلة بتقديم المساعدة لهم، بعد تشجيعهم على الخطر الجبار الذي أقبلوا عليه”. العمل مع الشباب والعائلات يتطلب التحكم في آليات التواصل، وهو ما يتكون عليه المربي، حسب فريدة التي قالت: ”نحاول من خلال تنظيم مثل هذه الأيام تشجيع الشباب على القيام بهذه الخطوة المهمة، كونها تعتبر أول مرحلة للشفاء، وتتمثل الإستراتيجية التي نتبعها في الاستماع إليهم والإجابة على كل انشغالاتهم، وبعد شعورهم بالراحة والاطمئنان، نوجههم مباشرة إلى الطاقم الطبي الذي يشرف على مرافقتهم وعلاجهم”. وأرجعت المربية أسباب تعاطي الشباب للمخدرات، حسب ما صرح لها به بعض المدمنين، إلى الفراغ، نقص أماكن الترفيه، المشاكل الاجتماعية وتحديدا التفكك الأسري، وفي المقابل، دعت إلى ضرورة تفعيل دور المساعدة الاجتماعية على مستوى البلديات للحد من الصراعات العائلية وتأمين الحماية للشباب والأطفال الذين باتوا يتداولون بعض المصطلحات الدالة على تعاطي المخدرات، مما يعني أنهم معرضون لخطر معنوي يترصدهم بفعل آفة المخدرات. من جهته، أرجع عز الدين قادري، عضو تنسيقية اتحاد أولياء التلاميذ، إقبال بعض الشباب على استهلاك المخدرات إلى الفراغ بالدرجة الأولى، ولمواجهة الظاهرة، اقترح وجوب ملء وقت الفراغ، خاصة خلال العطل، ببعض النشاطات المختلفة، أو بإشراكهم في تظاهرات رياضية فنية أو أدبية بمؤسسات ودور الشباب التي تسطر على مدار السنة برامج مختلفة في هذا الإطار. يلعب الوازع الديني دورا مهما في استرجاع الشاب المدمن، غير أن بعض المساجد للأسف لا تقوم بدورها كما يجب، حسب عز الدين عرير، إمام رئيسي بمسجد الرحمة الذي أفاد بأنه رغم دور الإمام المهم في توعية وتوجيه الأسر والشباب، على اعتبار أن المواطن سريع الاستجابة عندما يتعلق الأمر بالأمور الدينية، غير أن افتقار بعض الأئمة للتكوين يجعلهم لا يقومون بدورهم كما يجب في مجال التوعية والتحسيس من مخاطر المخدرات، إذ يعتمدون على التحاور بلغة ”التحريم” و«التحليل»، و المطلوب من الإمام اليوم أن يتواصل باللغة التي يفهمها الشباب ليتمكن من إعادتهم إلى جادة الصواب”. يعمل الإمام عز الدين كمرشد ديني بالمؤسسة العقابية لباب الجديد، وعن تجربته مع المدمنين من السجناء، قال؛ ”اعتمد في التحاور مع الشباب على الترغيب، من خلال تسطير محاضرات يقوم فيها التواصل مع الشباب على ضرورة الاعتراف بالأخطاء والسعي للإصلاح بالابتعاد عما حرمه الله لأسباب صحية، دينية، نفسية واجتماعية ”. من جهتها، بادرت جمعية العلماء المسلمين عن طريق أعضائها بتقديم جملة من التوجيهات الدينية والاجتماعية للفت انتباه المواطنين عامة، والمدمنين خاصة إلى أهمية التحلي بالوازع الديني، حيث قال حسين بوطاوي، عضو بالجمعية: ”إن للمخدرات جانب شرعي نسعى من خلاله إلى الضغط على الشباب، ونستعين في ذلك بسيرة المصطفى عليه الصلاة والسلام الذي نهى عن تعاطي كل السموم”. لا يزال الجهل بخطر المخدرات سائدا بين أوساط بعض الشباب من الذين دفع بهم الفضول إلى التجربة عن جهل، لذا بادرت جمعية ”أجيالنا” بتوزيع مطويات تشرح فيها بلغة بسيطة ومفهومة الطريقة التي يبدأ فيها المدمن تعاطي المخدرات، والنتائج المترتبة عن ذلك، مع طرق العلاج المقترحة، ولإقناع الشباب بخطورة الأمر، اهتدى أعضاء الجمعية إلى إدراج شهادات حية لأشخاص سبق لهم وأن تعاطوا المخدرات، على اعتبار أن الجمعية بادرت ضمن نشاطاتها بتنظيم جلسات علاج جماعية، وحسب صليحة فيلالي أخصائية نفسانية فإن الجمعية، قالت: ”أحسن وسلية لكسب ثقة الشباب، هي إعداد مطويات تحوي شروحا وافية حول كيفية التقرب من المراكز لتلقي العلاج، لأن عددا كبيرا من الشباب يبحث عن عامل السرية الذي تؤمنه هذه الأخيرة”.