مع انطلاق الحملة الانتخابية في مالي، تعالت الدعوات مجددا للمطالبة بتأجيل الانتخابات الرئاسية المقرر تنظيمها بنهاية الشهر الجاري، بدعوى عدم توفر الظروف الملائمة لتنظيم مثل هذا الموعد الانتخابي الذي يشكل محطة هامة في مسار العودة إلى الحياة الدستورية في هذا البلد المتوتر. والمفارقة، أن هذه الدعوات تقدم بها مترشحون بصفة رسمية رأوا في الفترة الفاصلة عن تنظيم الدور الأول من الرئاسيات غير كافية للانتهاء من كافة التحضيرات والإجراءات اللوجيستية المتعلقة بالاقتراع، خاصة منها ما يتعلق بتوزيع البطاقات الانتخابية ناهيك عن التحديات الأمنية التي لا تزال قائمة في مناطق مختلفة من البلاد. وطالب تييبي درامي، أحد أهم المترشحين لهذه الانتخابات ومهندس اتفاق السلام الأخير بين حكومة باماكو والمتمردين التوارق في مذكرة رسمية رفعها أمس للمحكمة الدستورية بتأجيل الدور الأول. ويكون درامي بذلك قد ضم صوته إلى صوت مترشحين ومحللين شككوا في إمكانية إجراء الانتخابات في موعدها المحدد، بسبب عدم التحضير الكافي لها، مما قد يجعل نتائجها مشكوكا في صحتها. وبرر حميدو ديباتي محامي درامي طلب موكله بحدوث انتهاك للقانون، من منطلق أنه لا يمكن استدعاء الهيئة الناخبة ما دام لم يتم تحديد القوائم الانتخابية عبر مختلف أنحاء البلاد وخاصة بمنطقة كيدال، التي لا يزال الوضع فيها متوترا رغم اتفاق السلام الموقع مؤخرا بين الحكومة الانتقالية والمتمردين التوارق. ودخلت السلطات المالية في سباق ضد الساعة من أجل توزيع البطاقات الانتخابية على الناخبين الذين لم يتم تحديد عددهم قبل أقل من ثلاثة أسابيع على موعد إجرائها، وهو ما جعل ديباتي يعرب عن أمله في أن تأخذ المحكمة الدستورية بعين الاعتبار لما وصفها بالخروقات الصارخة للقانون بمنطقة كيدال، بما يجعلها تقرر تأجيل الدور الأول من هذه الرئاسيات. وتصاعدت حدة التوتر منذ الجمعة الأخير في كيدال، إثر دخول الجيش المالي إلى المنطقة التي تعتبر أهم معقل للمتمردين التوارق، طبقا لاتفاق العاصمة البوركينابية واغادوغو القاضي بالسماح للقوات النظامية بدخول المدينة من أجل تأمين الانتخابات الرئاسية. وقد صاحب هذا الدخول حوادث أمنية متفرقة، أصيب خلالها ثلاثة جنود أجانب من بينهم جندي فرنسي، قالت مصادر عسكرية مالية إنه تعرض للرشق بالحجارة من قبل متظاهرين جندهم المتمردون التوارق. وهو ما جعل الجيش المالي يتهم الحركة الوطنية لتحرير الأزواد بخرقها لاتفاق واغادوغو. وقال دياران كوني مسؤول عسكري إنه "ومنذ السبت جندت الحركة الوطنية لتحرير الأزواد نساء وأطفال بكيدال لرمي السكان السود والقوات المالية والإفريقية بالحجارة". مما تسبب في إصابة ثلاثة جنود من القوة الأممية لحفظ الاستقرار في مالي "مينوسما" أحدهم فرنسي"، وهو ما اعتبره بمثابة خرق صارخ لاتفاق واغادوغو. وزاد في توتر الوضع في كيدال، خروج عدة مظاهرات بين مؤيدة ورافضة لتواجد القوات النظامية المالية، عززت المخاوف من عدم قدرة هذه القوات على أداء مهمتها الأمنية.