تتباين مواقف سكان الولايات الحدودية حول التدابير المتخذة من طرف الدولة لمكافحة آفة تهريب الوقود إلى دول الجوار وما تسببه من خسائر جسيمة على الاقتصاد الوطني، بين ترحيب أصحاب السيارات الذين وجدوا في هذه الإجراءات متنفسا لهم، وتردد بعض مالكي محطات الخدمات الذين تجبرهم التدابير الجديدة على تسجيل المركبات التي تتزود عندهم بالوقود وذلك لمراقبة مدى ترددها على المحطة. فبولاية الطارف، وجدت هذه التدابير صداها الإيجابي في نفوس السكان وأصحاب السيارات بشكل خاص، حيث يعتبرها أغلبية مستعملي الوقود بالولاية تدابير ناجعة، بما أنها تهدف إلى القضاء على الأزمة الناجمة عن ظاهرة مقلقة، تؤثر سلبا على أصحاب المركبات وتلحق الضرر بالاقتصاد الوطني. ويطالب العديد من سكان المناطق الحدودية بشرق الجزائر بتعزيز محاربة المهربين الذين يقومون منذ عدة سنوات بنشاطهم غير القانوني دون إزعاج، مستغلين الانعكاس السلبي لصرف العملة بالسوق الموازية (100 دينار تونسي مقابل 7 آلاف دينار)، لتكثيف نشاطهم غير الشرعي، المتمثل في تزويد نظرائهم المهربين الأجانب بالبنزين والمازوت وكذا بالمواد الغذائية الأساسية المدعمة من طرف الدولة مسببين ندرة حادة في هذه المواد بالولاياتالجزائرية الحدودية.في المقابل، وجدت تدابير مكافحة تهريب الوقود التي تم إقرارها على المستوى المحلي بعض الصعوبات في التنفيذ بسبب تحفظ أصحاب محطات البنزين بشأنها، فتبعا للتعليمات التي وجهتها بعض المصالح الولائية، على غرار ولاية الطارف، مطلع الشهر الجاري، إلى مسيري محطات الخدمات، تحثهم من خلالها على وضع سجل تدون فيه علامة وترقيم المركبات وعدد مرات ترددهها على المحطة، وذلك بغرض التحكم أكثر في توزيع هذه المادة الحيوية والتضييق على نشاط المهربين، لم يرق الإجراء بعض مالكي المحطات، الذين رفضوا الامتثال له، ما دفع بمصالح الولاية إلى منع تزويدهم بالوقود، وهو الوضع الذي انجرت عنه حركة تضامنية اشترك فيها الأسبوع الماضي باقي مالكي محطات البنزين بالولاية، وامتنعوا عن التزود بالوقود ما زاد من حدة الندرة بالولاية. ويجمع أصحاب تلك المحطات على أن تهريب الوقود يعد مشكلة حقيقية تضر بالاقتصاد الوطني ويتعين على الجميع وضع حد لها، إلا أنهم يرفضون في المقابل أن تنعكس هذه الوضعية سلبا على محطات الخدمات. وفي انتظار الخروج بقرار مشترك خلال الاجتماع التشاوري المقرر عقده خلال الأيام القليلة القادمة بالعاصمة بين مسيري محطات الخدمات، عاد أصحاب المحطات المحتجون للعمل المنتظم، مع الموافقة على تنفيذ الإجراء المقرر من قبل المصالح الولائية والمتمثل في العمل بالسجل، ولو بشكل مؤقت. وبعيدا عن حالة الإزعاج الذي تسبب فيه الإجراء المرتبط بمكافحة تهريب الوقود في ولاية الطارف، فقد أثمر قرار المصالح الولائية بتلمسان القاضي بتسقيف التموين بالوقود ب500 دينار للسيارات و2000 دينار للشاحنات، اختفاء سيارات ”الحلابة” من الطوابير الطويلة في محطات توزيع الوقود، رغم امتعاظ بعض مستعملي السيارات الذين يأملون في أن يكون هذا الإجراء مؤقتا، لأنه يضر بالمستهلكين العاديين.ولا تخرج التدابير الوقائية التي تسهر السلطات الولائية على تطبيقها على مستوى الولايات الحدودية عن نطاق الإجراءات المشددة التي شرعت الحكومة في تنفيذها من أجل القضاء على ظاهرة التهريب التي تنخر الاقتصاد الوطني، وتكبد البلد خسائر جسيمة قدرها وزير الطاقة والمناجم مؤخرا بأزيد من 100 مليار دينار. وفضلا عن مراقبة حركة التزود بالوقود داخل المحطات للتضييق على نشاط المهربين، فقد قررت الحكومة في 4 جويلية الجاري، جملة من التدابير الصارمة الهادفة في مجملها إلى مكافحة الآفة، تشمل أساسا تعزيز المراقبة الأمنية والجمركية في المناطق الحدودية المعنية بهذه الآفة مع دعم مراكز المراقبة ومضاعفة عدد الدوريات المتنقلة، وتقوية التنسيق فيما بين هذه المصالح وتكثيف العمل المعلوماتي لوضح حد لتحرك المهربين، فضلا عن الحجز التلقائي لكل المركبات التي تتوفر على خزانين وتلك المزودة بمخابئ مجهزة للوقود، مع وضع بطاقية لهذه المركبات تساعد مصالح الأمن على العثور على أصحابها في حال التخلي عنها خلال الكمائن وعمليات المطاردة. وينتظر أن تستكمل هذه التدابير الوقائية بإجراءات قانونية ردعية سيشملها نص قانوني معدل للأمر المتعلق بمكافحة التهريب تعكف وزارة العدل على إعداده لتشديد العقوبات على المهربين. للتذكير، فقد قدر وزير الطاقة والمناجم الكميات المهربة من الوقود ب1,5 مليار لتر في السنة، مشيرا إلى أن هذه الكمية تسمح بتزويد 600 ألف سيارة خارج الجزائر.