تشهد محلات بيع العطور وكريمات الوقاية من الشمس إقبالا منقطع النظير منذ حلول فصل الصيف، شأنها في ذلك شأن النظارات والقبعات التي عرفت هي الأخرى رواجا كبيرا، بالنظر إلى حرارة الشمس اللافحة، لكن السؤال الذي يطرح في هذا الإطار؛ “هل الإقبال على مثل هذه السلع يدل على وعي المستهلك بمدى أهمية مثل هذه المنتجات في الوقاية؟ أم أن الأمر يتم بصورة عشوائية”. في جولة قادت “المساء” إلى بعض محلات بيع أدوات التجميل والعطور، تبين من الملاحظة الأولية أن مثل هذه المحلات تعرف إقبالا كبيرا، بدليل التوافد الكبير للمواطنين على محل “محمد” منذ ساعات الصباح الأولى، إذ كانت تشير الساعة إلى العاشرة، وفي دردشة جمعتنا بالبائع قال؛ “إن العطور وكريمات الوقاية من الشمس من أكثر السلع طلبا في فصل الصيف من قبل الجنسين، وتحديدا الفئة الشابة، فلا يخفى عنكم أن جيل اليوم يولي أهمية كبيرة بالجمال والأناقة”. وحول ما إذا كان زبائن “محمد” يتمتعون بنوع من الثقافة الاستهلاكية عند اقتناء مثل هذه السلع، أوضح أن زبون اليوم يختلف عن زبون الأمس، ففي السابق يقول كان يقصدنا “الزبائن من الجنسين ويطلبون منا نوجيههم نحو السلع المفيدة أو الأكثر رواجا، أو تلك التي تعطي نتائج إيجابية. لكن الأمر تغير اليوم، إذ يظهر أن الزبون أصبح يعرف جيدا ما يبحث عنه ويولي أهمية للنوعية والجودة، بغض النظر عن السعر”، وهذا ما أكده بائع آخر بساحة الأمير عبد القادر، بالعاصمة، الذي قال؛ “تنتعش تجارة العطور، كريمات التجميل ومزيلات الروائح بمجرد أن تطل بوادر الصيف الأولى، إذ يكثر الطلب على هذه السلع، تحديدا من قبل الجنس اللطيف، فلا يخفى عليكم أن النسوة من أكثر الفئات التي تولي أهمية كبيرة بجمالهن، ومستعدات لإنفاق مبالغ مالية كبيرة مقابل ألا تحترق وجوههن. وحول ما إذا كان يلتمس نوعا من الوعي الإستهلاكي فيما يخص مواد التجميل، وتحديدا العطور منها، وكريمات الوقاية من الشمس كونها الأكثر طلبا، جاء على لسان محدثنا أن الزبائن، خاصة النساء تحديدا، يبحثن عن أكثر الماركات شهرة، لأنهن يرغبن في الحصول على نتائج فورية ولا يكترثن بالثمن، بدليل أنهن ما أن يدخلن المحل حتى يسألن مباشرة عن اسم المنتج الذي يبحثن عنه، سواء كان عطرا، كريما أو مزيل عرق، وفي حال تعذر العثور عليه، يرفضن أخذ بديل عنه ويفضلن البحث عن الماركات التي تعودن عليها خوفا على جمالهن وحرصا على صحة بشرتهن. تركنا المحلات التجارية ورحنا نبحث عن الكريمات والعطور التي تباع في الأسواق الموازية بساحة الشهداء، تبين أن السياسة المسطرة للقضاء على الباعة الفوضويين أتت أكلها، خاصة بعد أن لاحظنا غياب بيع مثل هذه السلع بساحة الشهداء، بالنظر إلى الانتشار الواسع لأعوان الأمن الذين حرصوا على طرد كل من تسول له نفسه بيع أي نوع من السلع بطريقة فوضوية. 80 بالمائة من مواد التجميل مغشوشة ما يجهله المواطن أن أكثر السلع التي يمسها الغش والتقليد، وتحديدا في موسم الصيف، يقول زبدي مصطفى رئيس جمعية حماية المستهلك، “هي مواد التجميل عامة، وهذه المواد التي يستعملها المواطن بغرض التجميل أو للجانب الصحي الوقائي من الشمس، يمكن أن تشكل خطرا على صحته، لأنها بقدر ما تنفعه، قد تقوده إلى أضرار وخيمة، خاصة عندما يتعلق الأمر بالجنس اللطيف”. ويضيف؛ “مع حلول الصيف، يتم تسجيل بعض الحالات المرضية التي تصيب البشرة نتيجة استخدام مواد تجميل مقلدة يتم اقتناؤها من الأسواق الموازية التي تكون في الغالب منتهية الصلاحية، أو مغشوشة وتكون أسعارها مغرية، الأمر الذي يسهل ترويجها”. ويؤكد: “ينبغي على المستهلك عندما يتعلق الأمر بمواد التجميل والوقاية من الشمس أن يتخذ الحيطة والحذر من مثل هذه المنتوجات عن طريق اقتنائها من المحلات النظامية التي تخضع لمراقبة أعوان قمع الغش، عكس الأسواق الموازية التي تفتقر للرقابة”. ويرفع محدثنا نداء العاملين على مستوى الجمارك والمطارات بضرورة تشديد الرقابة أكثر فأكثر على مثل هذه المواد، لأنها تشكل خطرا كبيرا على الصحة، وعلى الماركات العالمية أيضا أن تدافع على أسسها حتى لا يتم تقليدها، فالعديد منها لا يتابع العلامات المقلدة. وحول رأيه في مدى تمتع المستهلك لمواد التجميل بثقافة استهلاكية، قال؛ “أعتقد أن الوعي الاستهلاكي لدى المواطن اتجاه مختلف أدوات التجميل يسير نحو الأحسن، نظرا للعمل الكبير الذي يقوم به المجتمع المدني ومختلف مصالح الدولة من أعمال تحسيسية، وعلى العموم، فالمواطن أضحى يطبق قاعدة “ألي عجبك رخصوا ..ارمي نصوا” حتى عندما يتعلق الأمر بالعطور وكريمات التجميل. من جهته، قال حاج بولنوار الناطق الرسمي للاتحاد العام للتجار، أن الطلب على العطور ومواد التجميل يعرف انتعاشا كبيرا في فصل الصيف، الأمر الذي يحفز السوق الموازية من خلال الترويج للسلع المقلدة والمغشوشة، غير أن ما يخفى على المواطن أن نصف السلع الموجهة للجانب الجمالي تمرر عبر السوق السوداء بنسبة تقدر ب 80 بالمائة، منها منتهية الصلاحية أو المقلدة. وعلى الرغم من تراجع السوق الموازية قبل حلول الشهر الفضيل، غير أنها، حسب بولنوار، تعود تدريجيا لعدة اعتبارات، منها نقص المساحات التجارية الخاصة بالتجزئة، إلى جانب تخلف المنظومة الرقابية، غياب الفواتير والصكوك البنكية في التعاملات التجارية وضعف دور البلديات التي لا تنظم عمليات البيع والشراء من خلال إنشاء أسواق جوارية”. وينصح الناطق الرسمي لاتحاد التجار المستهلك بشيئين هامين وهما؛ أن لا يقتني العطور، الكريمات ومختلف أدوات التجميل من الأسواق الموازية، خاصة أنه لا يفرق في كثير من الأحيان بين ما هو أصلي وما هو مقلد، لضعف الثقافة الإستهلاكية اتجاه مثل هذه السلع، وأن يتمتع بنوع من الوعي الاستهلاكي بقراءة ما يكتب على السلع التي يقتنيها كالمصدر، مكونات المنتج، وأخيرا أن يتحلى بالحس المدني بالتبليغ عن أي سلع مغشوشة أو مقلدة.