يشرع فريق الخبراء الأمميين المعني بالتحقيق في مزاعم استخدام السلاح الكيماوي في الصراع الدائر في سوريا، ابتداء من اليوم، في تحقيقاته الميدانية انطلاقا من منطقة الغوطة القريبة من دمشق. ويشرع الفريق الأممي في مهمته بعدما أعطت دمشق الضوء الأخضر لأعضائه بالذهاب إلى الغوطة للتأكد من مزاعم استخدام السلاح الكيماوي في القصف الجوي الذي استهدفها، الأربعاء الماضي، وراح ضحيته المئات من الأشخاص من بينهم نساء وأطفال. وجاءت موافقة دمشق بعد تزايد الضغوط من حولها من قبل عدة عواصم دولية، إضافة إلى الأممالمتحدة للسماح لفريقها المتواجد في سوريا منذ الأسبوع الماضي بالذهاب إلى الغوطة على ضوء المعلومات التي تحدثت عن استخدام غاز السارين القاتل هناك. وقالت وزارة الخارجية السورية في بيان أمس إن "اتفاقا تم بين الحكومة السورية والأممالمتحدة أثناء زيارة انجيلا كين مسؤولة الأممالمتحدة في شؤون نزع السلاح لدمشق للسماح للفريق الأممي الذي يقوده الدكتور ايك سليسترم بالتحقيق في ادعاءات استخدام السلاح الكيماوي في محافظة دمشق". وأضاف البيان أن هذا الاتفاق يدخل سريعا حيز التنفيذ. والمؤكد أن النتيجة التي سيخرج بها فريق الخبراء الاممي ستكون حاسمة في تحديد الخيارات التي أعلنت الولاياتالمتحدةالأمريكية أنها بصدد دراستها بما فيها الخيار العسكري الذي طالما استبعدته المجموعة الدولية في إنهاء المعضلة السورية. وهو ما جعل دمشق تسارع إلى التحذير من أن التدخل العسكري الأمريكي في سوريا في حال حدوثه سيؤدي إلى "إحراق منطقة الشرق الأوسط برمتها". وقال وزير الإعلام السوري، عمران الزعبي، أن أي إجراء عسكري تقوده الولاياتالمتحدة "ليس نزهة". وأنه "في حال حدوث أي تدخل عسكري خارجي أمريكي فإن ذلك سيترك تداعيات خطيرة جدا في مقدمتها فوضى وكتلة من النار واللهب ستحرق الشرق الأوسط برمته". موقف شاطرتها فيه روسيا التي رحبت بموافقة السلطات السورية على السماح لمفتشي الأممالمتحدة بزيارة الغوطة ودعت المعارضة المسلحة بضمان أمن هؤلاء المفتشين. لكنها حذرت ممن قالت إنهم يريدون التدخل العسكري، في إشارة إلى واشنطن، من ارتكاب أخطاء مأساوية وبالتالي تكرار السيناريو العراقي في سوريا. وإذا كانت موسكو قد فضلت عدم ذكر الولاياتالمتحدة في تحذيرها فإن طهران حذرت علنا الإدارة الأمريكية مما وصفته ب«تجاوز الخط الأحمر" فيما يتعلق بسوريا. وقال الجنرال مسعود جزائري، مساعد هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، إن "الولاياتالمتحدة تعلم تماما الخطوط الحمراء السورية... وأي تجاوز لها ستكون له عواقب وخيمة على الولاياتالمتحدة". ولمحت إدارة الرئيس باراك أوباما إلى إمكانية لجوئها إلى هذا الخيار بعد مجزرة الغوطة التي تبادل خلالها طرفا الصراع السوري من سلطة ومعارضة الاتهامات بشأن المسؤول عن تنفيذها مما أعاد الجدل بقوة إلى الساحة الدولية بشأن استخدام السلاح الكيماوي في الصراع الدامي في هذا البلد. ويبحث الرئيس أوباما مع كبار مستشاريه الخيارات المتاحة للرد على مزاعم استخدام أسلحة كيميائية في سوريا وسط ادعاءات بريطانية بوجود "علامات متزايدة" على مسؤولية الحكومة السورية عن الهجوم بغاز الأعصاب على المدنيين في المنطقة التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة. بالتزامن مع ذلك، دعت جامعة الدول العربية إلى عقد اجتماع عاجل على مستوى المندوبين لمجلس الجامعة، غدا الثلاثاء، بالقاهرة، بهدف تدارس "الأوضاع الخطيرة" في سوريا. وقال أحمد بن حلي نائب الأمين العام لجامعة الدول العربية السفير أن "المجلس سيتدارس الأوضاع الخطيرة في سوريا والناجمة عن تصاعد مسلسل العنف والقتال وعما تداولته وسائل الإعلام حول الجريمة المروعة التي وقعت في الغوطة الشرقية بدمشق والتي أودت بحياة مئات الضحايا الأبرياء جراء استخدام السلاح الكيماوي ضد المواطنين السوريين". وكانت المعارضة السورية قد اتهمت الجيش السوري بقتل 1300 شخص في "هجمات بالأسلحة الكيميائية" على بلدات بالغوطة الشرقية والمعضمية بريف دمشق الأربعاء. وهو ما نفته الحكومة السورية التي اعتبرت هذه الادعاءات "خالية من الصحة وتهدف بشكل أساسي إلى إفشال عمل فريق الأممالمتحدة الذي يزور سوريا حاليا مثلما أفشلوا سابقا عمل لجنتي الجامعة العربية والأممالمتحدة".