حذر الرئيس السوري بشار الأسد، أمس، مجددا من أن بلاده قادرة على مواجهة أي عدوان خارجي عليها في إشارة إلى الضربة العسكرية المحتلمة التي تنوي الولاياتالمتحدة ومعها فرنسا توجيهها لنظامه. وقال الرئيس الأسد، خلال لقائه بعلاء الدين بروجردي، رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني، أن "سوريا بفضل مقاومة شعبها وجيشها تواصل تحقيق الانتصارات إلى غاية استرجاع الأمن والاستقرار في البلاد". وجاءت تصريحات الرئيس السوري غداة التراجع المفاجئ لنظيره الأمريكي باراك اوباما في تنفيذ هذه الضربة بعدما رمى بالكرة في ملعب الكونغرس للحصول على موافقة نوابه قبل أن يقوم بأي تحرك عسكري ضد سوريا. ويبدو أن الرئيس الأمريكي الذي سبق وأكد أن استخدام السلاح الكيماوي في الحرب الدائر رحاها في سوريا هو خط أحمر بالنسبة للولايات المتحد لم يرد بمفرده تحمل مسؤولية مقامرة جديدة قد تتورط فيها قواته في سوريا، وهو ما جعله يتوجه إلى الكونغرس للحصول على الضوء الأخضر لتنفيذ هذا العمل المسلح الذي تصاعد الجدل بشأنه في الفترة الأخيرة. غير أن وزير خارجيته، جون كيري، أعرب عن ثقته في الحصول عليه من قبل أعضاء الكونغرس الذين سيجتمعون الاثنين القادم لبحث مشروع اللائحة التي تقدمت بها الإدارة الأمريكية لهذا الغرض. وقال كيري إن الاختبارات جاءت إيجابية بشأن استخدام غاز السارين في مجزرة الغوطة في 21 أوت الماضي بالقرب من العاصمة دمشق والتي حملت واشنطن مسؤوليتها للنظام السوري. لكن الخارجية السورية التي نفت مرارا الاتهامات باستخدام القوات النظامية لهذه الأسلحة المحظورة دوليا رأت في التراجع الأمريكي دليلا على ارتباك إدارة الرئيس اوباما وتردده في شن أي هجوم مسلح على سوريا، كما انتقدت موقف فرنسا من الضربة متهمة الحكومة الفرنسية بتزوير الحقائق. واعتبر فيصل مقداد، نائب وزير الخارجية السوري، أن تأجيل الرئيس الأمريكي لهذه الضربة في انتظار المصادقة عليها من قبل الكونغرس مجرد "مناورة سياسية وإعلامية". من جانبها، أعلنت الأممالمتحدة أن خبراءها الذين غادروا دمشق، أول أمس، وهم الآن في هولندا لن يقدموا أي تقرير بشأن استخدام الكيماوي قبل ظهور نتائج تحاليل العينات التي جمعوها من مكان الهجوم المزعوم بهذا السلاح بريف دمشق. وقالت إنه سيتم، ابتداء من اليوم، توزيع هذه العينات على مخابر ذات كفاءة لتحليلها. وكانت العديد من الأطراف الدولية الفاعلة طالبت بضرورة انتظار نتائج هذه التحاليل قبل الحديث عن أي خطوة عسكرية ضد سوريا. ومع انتظار موافقة الكونغرس الأمريكي ورفض مجلس العموم البريطاني مشاركة المملكة المتحدة في عمل مسلح ضد سوريا، وجدت فرنسا نفسها تسبح عكس التيار، مما جعلها تسارع إلى مراجعة مواقفها هي الأخرى. وأكد وزير داخليتها مانويل فالس أن بلاده لن تقوم بأي تحرك بمفردها كونها لا تملك الإمكانيات الإضافية لذلك وهي في انتظار تشكيل ائتلاف دولي يدعم خيار العمل المسلح ضد سوريا. وفي ظل تراجع المواقف الدولية، لم تخف المعارضة السورية خيبة أملها من ذلك وذهب الائتلاف السوري المعارض إلى مطالبة الكونغرس الأمريكي بالموافقة على شن هذه الضربة التي تعارضها عدة عواصم دولية وأدانها أمس الأزهر الشريف. وذهب الائتلاف المعارض إلى اعتبار أن أي عمل مسلح لا يترافق دون تسليح الجيش الحر في سعيه إلى إسقاط نظام الأسد سيعطي لهذا الأخير "مزيدا من الوقت للاستمرار في قتل السوريين ويسمح له بمواصلة تهديده لمنطقة الشرق الأوسط وشعوبها". بالتزامن مع ذلك، اجتمع وزراء الخارجية العرب، أمس، بالقاهرة، في اجتماع طارئ لبحث تطورات الأزمة السورية التي تسارعت بشكل لافت في الآونة الأخيرة في ظل الأخبار المتوترة على احتمال شن عمل مسلح ضد سوريا.