من المقرر أن تقوم ليليان موري باسكيي مقررة الجمعية البرلمانية للمجلس الأوروبي، بداية شهر أكتوبر القادم، بزيارة استطلاعية إلى الجزائر، من شأنها السماح لها ب "استكمال" تقرير حول المساهمة البرلمانية الأوروبية في تسوية القضية الصحراوية التي تجاوزت عقدها الثالث. واعتبرت باسكيي بعد لقاء جمع برلمانيين وسياسيين مغربيين وصحراويين وجزائريين بلجنة المسائل السياسية والديمقراطية بالجمعية البرلمانية للمجلس الأوروبي "الجزائر جُزءا من حل المشكلة الصحراوية"، وهو ما جعلها تعتبر أن من "هذا المنظور يصبح من الضروري الالتقاء أوّلا بالسلطات الجزائرية، ثم الصحراوية في مخيّمات اللاجئين والمشاهدة العينية لأكبر قدر ممكن من الأمور؛ من أجل استكمال تقريري". لكن عضو مجلس الأمة جمال ولد عباس، صحّح هذا الموقف الخاطئ خلال تدخّله؛ بصفته مدعوا لهذا اللقاء؛ بأن الجزائر "ليست طرفا" في نزاع الصحراء الغربية، وأنها بلد يستقبل حوالي 200 ألف لاجئ صحراوي، وأن ليست الجزائر الناطق باسم جبهة البوليزاريو، مؤكدا أن المشكل قائم بين المملكة المغربية وجبهة البوليزاريو. ولكن النائبة الأوروبية السويسرية حاولت تدارك موقفها بالقول إن الحصول على "أكبر قدر من المعلومات" خلال هذه الزيارة المرتقبة من 6 إلى 9 أكتوبر، سيسمح بإثراء التقرير "بمجموع العناصر" التي يمكن أن تساعدها على اقتراح حلول للنزاع. وأضافت: "سأقوم خلال هذه الزيارة بتكوين فكرة، إلا أن الوقت القصير المخصَّص للمهمة، لا يسمح بالإحاطة فعلا بالمسألة". وتأتي زيارة النائبة الأوروبية إلى الجزائر بعد تلك التي قامت بها من 21 إلى 24 ماي الأخير إلى العاصمة المغربية الرباط والعيون عاصمة الصحراء الغربية المحتلة؛ حيث تحادثت مع السلطات المغربية وبرلمانيين وممثلي المجتمع الدولي والمجتمع المدني الصحراوي، إضافة إلى مناضلي حقوق الإنسان. وكانت باسكيي قد أكدت عقب انتهاء مهمتها الأولى، على ضرورة تجنيد جميع الأطراف الفاعلة والمجتمع الدولي؛ من أجل "البحث عن حل عادل ودائم ومقبول من الجانبين في إطار الأممالمتحدة لنزاع الصحراء الغربية". من جانبه، تطرق عمر منصور ممثل جبهة البوليزاريو في باريس، بالتفصيل، للأسباب الثلاثة لرفض الطرف الصحراوي "مخطط الحكم الذاتي" الذي اقترحه المغرب، مذكرا بأن الصحراء الغربية إقليم غير مستقل مدرج في أجندة الأممالمتحدة لتصفية الاستعمار. وأضاف أن "التواجد المغربي في الصحراء الغربية احتلال مفروض"، لافتا إلى أنه "لا توجد أي دولة تعترف بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية"، وأنه "لا يوجد بديل للخيار الديمقراطي، الذي يجب أن يمكّن الشعب الصحراوي من التعبير عنه بكل حرية دون أي قيود إدارية أو عسكرية"؛ من خلال استفتاء لتقرير المصير الذي تترقبه الأممالمتحدة منذ عقود. وبينما أعرب عن ارتياحه لهذا اللقاء، جدّد منصور استعداد جبهة البوليزاريو لإجراء "مفاوضات دون شروط مسبقة" مع المغرب؛ لتسوية القضية الصحراوية، وفق متطلبات الشرعية الدولية، لكنه تأسف لكون المغرب يريد فرض حل الحكم الذاتي، الذي لم يتمكن من فرضه عسكريا خلال 17 سنة من الحرب. وفي رده على برلمانية مغربية ترى بأن خيار استفتاء تقرير المصير يكون قد رُفض من طرف الأممالمتحدة، حمّل ممثل جبهة البوليزاريو المغرب مسؤولية هذا الرفض، وقال: "ليس إحصاء الناخبين هو المشكل؛ فالعملية نُفّذت وأسفرت عن تحديد قائمة للناخبين في عهد المبعوث الخاص للصحراء الغربية الأسبق جيمس بيكر، لكن المغرب رفض هذا المسعى بسبب خوفه من تصويت جماعي لصالح تقرير المصير في حالة إجراء اقتراع حر". بالتزامن مع ذلك، يواصل الوفد الحقوقي المتكون من 52 ناشطا حقوقيا يمثلون مختلف فعاليات الانتفاضة في المناطق المحتلة من الصحراء الغربية، جولته عبر ولايات ومؤسسات الدولة الصحراوية. وكان الوفد استُقبل الأربعاء الماضي من قبل خيرا بلاهي عضو الأمانة الوطنية وزيرة التكوين المهني والوظيفة العمومية. كما عرفت الزيارة مداخلات لبعض النشطاء الحقوقيين حول طرق إيصال رسالة النضال السلمي إلى العالم وما يتعرض له سكان المناطق المحتلة من قمع وتنكيل من قبل السلطات المغربية، جراء نضالهم السلمي ومطالبتهم بحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير والاستقلال. وكان الوفد المتشكل من ناشطين حقوقيين شاركوا في فعاليات الطبعة الرابعة للجامعة الصيفية للإطارات الصحراوية، التي نظمت مؤخرا بولاية بومرداس، زيارة لكل الولايات؛ حيث نشّطوا عدة مهرجانات في الدوائر. واستُقبل الوفد من طرف ولاة الولايات والمجالس الولائية ومواطني الولايات الخمس وكذا من طرف الرئيس الصحراوي محمد عبد العزيز ومجموعة من أعضاء الأمانة الوطنية والحكومة، كما قاموا بزيارة إلى مختلف مؤسسات الدولة الصحراوية، منها وزارة الثقافة ووزارة العدل والشؤون الدينية والتربية والتعليم وجمعية أولياء المعتقلين والمفقودين الصحراويين والهلال الأحمر الصحراوي، علاوة على لقاء مع الشبيبة والطلبة.