تحركت منظمة العفو الدولية "أمنيستي" بهدف ممارسة ضغوط أكبر على السلطات المغربية، لحملها على كشف مصير مئات المفقودين الصحراويين منذ احتلال الصحراء الغربية عام 1975. وجاء تحرك المنظمة الحقوقية الدولية بعد تمكن فريق من الخبراء الإسبان من فك لغز اختفاء أول مجموعة من المفقودين الصحراويين الأسبوع الماضي، وتعرفه على هوية رفات ثمانية صحراويين من بينهم طفلان، تم العثور عليهم في مقبرتين جماعيتين بمنطقة أمغالا بأمهريز بالقرب من مدينة السمارة المحتلة، كانوا مفقودين منذ فيفري 1976. وهو ما جعل منظمة العفو الدولية تطالب بضرورة فتح تحقيقات جديدة تكون "مستقلة وشاملة ومعمقة"، لكشف مصير المئات من أبناء شعب الصحراء الغربية، الذين بقي مصيرهم مجهولا منذ احتلال المغرب لأرضهم عام 1975. كما طالبت بضرورة العودة إلى الآليات التي توفرها الأممالمتحدة، ومن ضمنها بعثتها إلى الصحراء الغربية من أجل تنظيم الاستفتاء "مينورسو"، لتتكفل بتسوية ملف الاختفاءات القسرية، الذي أثبتت الرباط عدم إرادتها وجديتها في احتوائه. وأكدت منظمة "أمنيستي" أن أربعة من هؤلاء الضحايا فقط كانوا محل بحث لدى ما يُعرف ب "المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان"، الذي استحدثه العاهل المغربي عام 2004 بغرض مواجهة سنوات الدم والرصاص التي بقيت ترهق الحكومة المغربية، وشكلت وصمة عار على جبينها. وخلصت المنظمة الحقوقية إلى أن الاكتشافات الأخيرة لضحايا الانتهاكات المغربية في الصحراء الغربية، أظهرت مدى محدودية عمل هذا المجلس في كشف حقيقة مئات الاختفاءات القسرية، وأيضا الحاجة الماسة لإجراء تحقيقات مستقلة وشاملة ومعمقة. وتبقى مسألة الانتهاكات المغربية المتواصلة لحقوق الإنسان الصحراوي، تثير قلق وتنديد مختلف المنظمات الحقوقية وخاصة مؤسسة روبرت.ف. كيندي؛ من أجل العدالة وحقوق الإنسان. وأكدت هذه المؤسسة في تقرير نشرته أول أمس بالعاصمة الأمريكية، على ضرورة تحمّل المجتمع الدولي مسؤوليته فيما يتعلق بحماية الصحراويين من هذه "الانتهاكات الممنهجة". وقالت المنظمة الحقوقية الأمريكية إن "الحكومة المغربية تواصل انتهاكاتها للحق في الحياة والكرامة الشخصية وحرية التعبير والتجمع، وكذا الحق في محاكمة عادلة للصحراويين"، وقادها ذلك إلى تجديد "أسفها" لكون مجلس الأمن الدولي لم يدرج مهمة مراقبة حقوق الإنسان ضمن صلاحيات بعثة الأممالمتحدة، من أجل تنظيم استفتاء في الصحراء الغربية رغم توصيات مجلس الأممالمتحدة لحقوق الإنسان والأمين العام للأمم المتحدة والعديد من المنظمات الحقوقية والإنسانية. كما أشارت إلى أنه منذ تجديد عهدة "مينورسو" في أفريل الماضي دون إدراج آلية مراقبة حقوق الإنسان، تم تسجيل "تواصل ممنهج" للانتهاكات المغربية ضد الشعب الصحراوي مع "غياب فعلي" لرد فعل دولي. وذكرت المنظمة بالتفصيل حالات قمع عديدة وانتهاكات مرتكبة من قبل القوات المغربية ضد الصحراويين طيلة شهر أوت الماضي، والذي شهد توقيف العديد منهم ومتابعتهم قضائيا دون إجراء محاكمة عادلة لا لسبب، فقط لأنهم مارسوا حقهم المشروع في حرية التعبير والمطالبة بتقرير المصير. كما ذكرت بأن البرلمان الأوروبي سيصوّت يوم الثلاثاء على تقرير حول حقوق الإنسان في الصحراء الغربية أعده النائب البريطاني شارل تانوك، الذي كلّفه البرلمان بإعداد تقرير حول حقوق الإنسان في الساحل والصحراء الغربية. من جهة أخرى، تطرق تقرير المنظمة الأمريكية لالتزامات المغرب إزاء تسوية القضية الصحراوية، من خلال توقيعه على عدة معاهدات دولية تتعلق بحقوق الإنسان، منها العقد الدولي المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية، والاتفاقية الدولية لحماية الأشخاص من الاختفاءات القسرية والاتفاقية ضد التعذيب والمعاملات الوحشية الأخرى. وقالت إنه رغم هذه الالتزامات الدولية لاتزال الحكومة المغربية "تواصل انتهاكاتها لحقوق الصحراويين دون رد فعلي للمجتمع الدولي"، وهو ما جعلها تطالب في تقريرها بوضع آلية مستقلة لحقوق الإنسان؛ "لحماية حقوق الصحراويين وإرغام المغرب على احترام التزاماته الدولية"، كما أكدت على ضرورة إدراج آلية مراقبة حقوق الإنسان في عهدة "مينورسو" المقبلة.