عادة ما يقدّم الخبراء ضمن سلسلة الملتقيات الطبية المتخصصة، جملة من النصائح للعامة حول الوقاية من بعض الأمراض، أو حتى نصائح لحياة صحية أفضل؛ لأن الوقاية خير علاج. وعادة ما يتم أيضا الاستعانة بخبراء أجانب في سياق تبادل الخبرات في هذا الملتقى أو ذاك، ويدخل هذا أيضا ضمن التكوين الطبي المتواصل للكفاءات. وكذلك يتم اختيار محاور رئيسة للأيام العلمية، تنصبّ في مجملها حول ترقية الصحة العمومية التي تكون في صالح الفرد أولا وأخيرا، وهذا ما كان خلال آخر ملتقى طبي حضرته “المساء”، والذي كان يدور حول الطب العائلي، قدّم خلاله المتدخلون بعض الحالات العيادية التي كانت تبحث عن العلاج الأسري بهدف الحفاظ على الاستقرار، وبالتالي مجانبة التفكك الأسري، الذي نعلم جميعا أن آثاره السلبية تعود على الأطفال بالدرجة الأولى. لكن الملاحَظ من خلال عرض الحالات الإكلينيكية أن أخصائيّي العلاج الأسري كانوا يقدّمون حلولا من بيئة مغايرة للبيئة الجزائرية، وبالتحديد من بيئة فرنسية تختلف لديها معنى الأسرة عن ذلك المعنى الذي نعرفه نحن كجزائريين وكمسلمين؛ فهل عجز الخبراء الجزائريون عن تأسيس نموذج علاجي جزائري وليد العادات الجزائرية المسلمة حتى يستوردوا أمثلة أوروبية لا تعترف في الغالب بالروابط الأسرية؟ تساؤلنا هذا يبدو لنا منطقيا؛ لأن بعض المتدخلين الذين طرحوا بعض الأسئلة على الخبير الفرنسي المشارك في ذلك الملتقى، لم يجدوا أجوبة لأسئلتهم؛ فالخبير كان يجيب أحيانا: “نحن في فرنسا لا نعايش مثل هذه الظواهر”، ومن بين الظواهر عيش بعض الأزواج الجدد مع آبائهم قبل الاستقلال بالمسكن، مما جعل بعض الأسئلة تدور حول كيفية لعب الآباء أدوارا إيجابية في حياة الأزواج الجدد؛ فإلى متى يتم استقدام تجارب غربية لا صلة لها بالواقع الجزائري؟ وإلى متى يتم تهميش الكفاءات الجزائرية التي كثيرا ما تفتقر للوسائل الكفيلة، المعينة لها على القيام بدراسات تحليلية من عمق المجتمع الجزائري؟!