تشارك الجزائر منذ أمس بجنيف، في الجمعية ال13 للدول الأعضاء في الاتفاقية الخاصة بحظر الألغام المضادة للأشخاص وتدميرها، أو ما يُعرف باتفاقية أوتاوا، وذلك بحضور أكثر من 800 مشارك من أزيد من 100 بلد، حيث يعكف المندوبون على مناقشة التقدم المحقق في هذا المجال، ورفع التحديات من أجل التوصل إلى عالم خال من الألغام مع إجراء مراجعة عميقة لمعاهدة أوتاوا. ويمثل الجزائر في هذا الاجتماع الذي يدوم إلى غاية الخامس من ديسمبر الجاري، سفيرها لدى الأممالمتحدة بجنيف بوجمعة ديلمي، حيث أشار مصدر دبلوماسي إلى أنه سيتم خلال هذه الجمعية، إجراء التقييم السنوي الأخير (2013)، لتجسيد الاتفاقية؛ وذلك تحضيرا للندوة الثالثة لدراسة تلك الاتفاقية، التي ستتم سنة 2014 بمابوتو (الموزمبيق). وتم التذكير بأن "الآلام والمعاناة التي تسببها الألغام المضادة للأشخاص، تظل حقيقية في أكثر من 25 بلدا بما فيها الجزائر"، مؤكدا على التزام الدولة الجزائرية بالاحترام التام للتاريخ المحدد لنزع الألغام سنة 2017. كما أبرز أن الجزائر طالما شجعت الدول الأعضاء في رفع التحديات، وذلك من خلال العمل معا من أجل نزع الألغام ومساعدة الضحايا، علما أن الجمعية ال 13 للدول الأعضاء في الاتفاقية حول حظر الألغام المضادة للأشخاص، تجري في وقت يسجَّل انخفاض في عدد الضحايا. للتذكير، فإن اتفاقية حظر الألغام المضادة للأشخاص قد تمت المصادقة عليها في أوسلو 1997، وتم فتحها للتوقيع بأوتاوا في السنة ذاتها، ودخلت حيّز التطبيق في الفاتح مارس 1999، وانضم إليها 161 بلدا، لاسيما تلك التي تنتج تلك الألغام. وكان الوزير المنتدب السابق لدى وزير الدفاع الوطني اللواء عبد المالك قنايزية، قد أكد خلال ملتقى نُظم في شهر أفريل الماضي، أن الجزائر سجلت تقدما كبيرا في مجال تطبيق اتفاقية أوتاوا، مضيفا أن الجزائر تحتل مكانة متقدمة من بين البلدان الأكثر نشاطا في القضاء على هذه الآفة، وأن الأمر يتعلق بمعركة قابلة للاستمرار مادام هناك لغم واحد موجود بالجزائر. وقد أولت الجزائر أهمية كبيرة لملف نزع الألغام رغم كون بعض البلدان المجاورة لم تنضم حتى لاتفاقية أوتاوا، في حين أن بلادنا عملت على التخلص من هذه الألغام بداية من سنة 1963؛ أي قبل سنوات عديدة عن اتفاقية أوتاوا التي جاءت سنة 1997. وتشير الإحصائيات إلى أن الخطين المكهربين والملغَّمين اللذين زرعهما المستعمر بين 1956 و1959، يمثلان معدل 3،1 لغم لكل مواطن جزائري، وأن الجيش الاستعماري قام بزرع 11 مليون لغم على حدود الجزائر الشرقية والغربية. وإذا كانت الجزائر قد قامت بمجهودات كبيرة للتقليل من عدد الضحايا بتدمير 8 ملايين لغم على طول حدودها الشرقية والغربية، وتطهير ومعالجة 2531 كلم من الأراضي الواقعة على هذه الحدود، فإن فرنسا ترفض حتى الآن مد يد المساعدة، على عكس ما تدعو إليه الأممالمتحدة واتفاقية أوتاوا. وكشف خبراء في المجال الأمني أن 3 ملايين لغم مضاد للأشخاص، لاتزال مزروعة على الحدود الشرقية والغربية للجزائر مع المغرب وتونس، علما أن الجيش اكتشف ودمّر 8 ملايين لغم مضاد للأشخاص ما بين 1963 و1988، وفي وقت تصر فرنسا على عدم تسليم خرائط الألغام. وتشير آخر الإحصائيات إلى إصابة 6792 شخصا جراء هذه الألغام، منهم 3255 قُتلوا، و3542 بُترت أرجلهم. وإذ تقر الأممالمتحدة بالجهود الكبيرة التي تبذلها الجزائر من أجل القضاء على الألغام مع إشادتها بالكفاءة التقنية العالية للّجنة الوزارية المكلفة بمتابعة تطبيق اتفاقية أوتاوا، فإنها ترى أن الألغام وغيرها من مخلفات الحرب القابلة للانفجار، لازالت تؤدي إلى مصرع أو إصابة 15 إلى 20 ألف شخص يُقتلون أو يصابون بعاهات كل سنة في العالم، مقابل نحو 26 ألفا في نهاية التسعينيات، في حين أشارت إحصائيات الهيئة الأممية كذلك، إلى أن أكثر من 80 بالمائة من هؤلاء الضحايا، هم من المدنيين، بينهم ما لا يقل عن 20 بالمائة من الأطفال، ولاتزال حوالي 84 دولة تواجه هذه المشكلة. من جهة أخرى، تحظى التجربة الجزائرية في مجال نزع الألغام، باهتمام من قبل المجموعة الدولية؛ حيث نذكر في هذا الصدد، طلب تونس من الجزائر تقديم مساعدة لنزع ألغام تقليدية زرعها مسلحون مرتبطون بتنظيم القاعدة في جبل الشعانبي بولاية القصرين (وسط غرب) الحدودية مع الجزائر، علما أن انفجار أربعة من هذه الألغام بجبل الشعانبي في الصائفة الماضية، تَسبب في إصابة 10 من عناصر الحرس الوطني التونسي. كما سبق للأردن أن طلبت خلال السنوات الأخيرة من الجيش الوطني الشعبي، المساعدة من أجل نزع وتدمير الألغام المضادة للأشخاص على طول شريطها الحدودي مع الأراضي المحتلة، بعد أن قام الجيش الإسرائيلي بزرعها في 1973 خلال الحرب العربية الإسرائيلية، مشيرة في هذا الصدد، إلى أن تجربة الجيش الجزائري وهيبته أصبحت نموذجا للكثير من الجيوش العربية، التي تسعى للاستفادة من قدراته وخبرته.