يقبل العديد من المواطنين على اقتناء الزرابي التقليدية، على غرار الزربية النموشية التي تشتهر بها منطقة الشاوية، وتقبل على صناعتها نساء موهوبات يتفنن بنسج أشكالها الهندسية التي تجمع بين الأصالة والعصرنة. السيدة كلثوم التواتي من أبرز الحرفيات بباتنة، سبق لها أن شاركت في عدة معارض، لها مواهب مختلفة على غرار نسج الزربية ورسم الحرقوس التي تتاقسمها مع أفراد عائلتها. علاوة على صناعة الخزف الطيني، صناعة البرنوس واللباس التقليدي الشاوي. تميزت السيدة تواتي منذ صغرها بهواية الرسم والزخرفة التي جسدتها عن طريق رسومات بالحنة على الأيادي، لتستعملها فيما بعد على الزرابي. قالت محدثتنا في هذا الخصوص؛ "يمثل الرسم بالنسبة لي هواية وموهبة منذ طفولتي، كنت أحب شغل وقتي بالرسم والزخرفة ووجدت متعة ولذة حقيقية في ذلك، إلى أن تولدت لدي فكرة إبراز هذه الرسومات في حرف تقليدية". قدمت كلثوم أجود منتجاتها النسيجية في أبهى حلة لجذب الزوار، مع إبراز خصوصية الزربية النموشية التي لا توجد في مناطق أخرى، وتتعدد فيها الزخارف التقليدية من حيث الأشكال والألوان، إذ عرضت تشكيلة ثرية من أعمال المنسج التقليدي مختلفة الأشكال والأحجام، إلى جانب الملابس الصوفية. تحدثت كلثوم عن السجادة النموشية نسبة إلى قبيلة النمامشة الأوراسية، فقالت بأنها براقة ساطعة الألوان وثرية بالزخارف والرسوم التزيينية المتنوعة من مربعات، مكعبات وأشكال أخرى متنوعة، في بعضها رسومات لأشخاص وزخارف متباينة، منسوجة بمغزل يدوي، مما يؤكد حرص سكان المنطقة على جودة منتجاتهم التي ورثوها أبا عن جد، ولا تزال تستعمل هذه الزربية بشكل كبير في الأرياف، فنجد منها الأفرشة، الأغطية، وحتى سجاجيد الزينة والديكور التي تبسط للجلوس عليها، أو تعلق على الجدران. من جهة أخرى، أكدت الحرفية أن أكثر ما يعيق إنتاجها هو مشكل عدم الترويج له، كما أنها لا تملك محلا تعرض فيه تحفها للبيع، حيث تعتمد على نفسها وتعمل في البيت، علما أن منتوجاتها تقتنى من طرف الأجانب بشكل خاص. وما أثار تأسفها؛ غلاء هذه المنتجات التي يعود سببها إلى قلة المادة الأولية، مع اقتنائها من مناطق بعيدة، مما يجعل تكلفة منتجاتها ترتفع والإقبال عليها يتناقص. كما حدثتنا كلثوم التواتي عن حرفتها الثانية التي تبدع فيها وتلقى رواجا كبيرا وسط الفتيات والنساء، وهي الحنة والحرقوس على الأيدي والأرجل، كونها من التقاليد الشعبية التي كانت في وقت مضى تقتصر على العروس، أما اليوم فهناك عودة إلى هذه العادة من خلال التزيين بالحنة، كما أشارت الحرفية إلى أن معظم الرسومات التي تطبقها نتاج إبداعها ولا تستعين ب«كتالوج"، بل يكون حسب يد الفتاة ولون بشرتها التي إذا كانت داكنة فإنها تحاول أن تجعل الرسم رقيقا، والعكس بالنسبة للبشرة الفاتحة، ومن بين هذه الرسومات تختار الحرفية الأزهار والفراشات.