يشكّل الجدار العازل الممتد على طول 2700 كلم الذي رصته القوات المغربية على الأراضي الصحراوية، صميم موضوع الفيلم الوثائقي ”الجهة الأخرى للجدار، ثائرو الصحراء الغربية”، الذي بدوره يشكّل المعاناة الحقيقية الجاثمة على قلوب الشعب الصحراوي، اللاجئين منهم والمتواجدين في الأراضي المحررة والمحتلة. يفكّك المخرج دونيس فريسال، من خلال فيلمه المقدّم أول أمس بقاعة ”الموڤار” في إطار مهرجان الجزائر الدولي للسينما، مراحل الانتهاك المغربي للشعب الصحراوي وسلبه لثرواته الاقتصادية، بسرد تاريخي وإنساني للقضية التي مازالت تنتظر الفرج في تقرير مصيرها حسبما أفضت إليه اللوائح الأممية، عبر استفتاء حر ونزيه تشرف عليه الهيئة الأممية. ويتوزّع على الجدار الملايين من الألغام، حتى يصعب للصحراويين التنقل إلى مخيمات اللاجئين الصحراويين بتندوف بالجزائر، ومرور اللاجئين للقاء ذويهم بالأراضي المحررة والمحتلة.. إنّه أشبه بالطوق القاتل حيثما وضعت قدمك فاحتمال انفجار الألغام وارد بقوة، إذ ذكر الفيلم أن القوات المغربية وضعت ما معدله 10 آلاف لغم لكل مواطن صحرواي، وهو رقم يثير الهلع والخوف، ونقل الفيلم شهادة مدرس صحراوي تمكّن من الإفلات والتحق باللاجئين في مخيمات تندوف. يُجهر العمل (49 دقيقة) بصوت عال صوت المقاومة الصحراوية التي تتكتم عليها القوات المغربية المحتلة منذ حوالي أربعة عقود، وتمكّن أصدقاء الشعب الصحراوي من إنتاج هذا العمل بفضل تسريبات الفيديو لمواطنين صحراويين من مدينة العيون المحتلة ومخيم ”اكديم نزيك” تحوي على مشاهد مرعبة للقمع المغربي، وهي فيديوهات مسجلة بالهواتف النقالة. ولهذا السبب احتوى الفيلم على مشاهد مهربة من جحيم العيون المحتلة، غير مؤطرة وصورها غير ثابتة وصوتها غير دقيق، إلاّ أنّها حملت مضمونا عميقا هدفه تنوير البشرية بآخر مستعمرة بإفريقيا ما زالت تنشد الاستقلال رغم مرارة العيش. وأخذ الفيلم عدّة أبعاد من حيث التناول، إذ عمل بصور الأرشيف التي تعود إلى فترة التهديد المغربي فور خروج الاحتلال الاسباني سنة 1973، واستخدم أرشيف لمداخلات العديد من النشطاء الصحراويين وشهادات لضحايا القمع وصور لأثار التعذيب تقشعر له الأبدان، وتناول حتى تقارير المنظمات الحقوقية على غرار هيومن رايت المعروفة، ووشح كل هذه السلسلة أغاني لنسوة نابعة من عمق الصحراء الغربية وثقافتها.