ككلّ نهاية سنة ونحن نودّع آخر أيام عام 2013 بأفراحه وأقراحه، بآلامه وابتساماته، نقف للتذكّر وأخذ العبرة، نخطّ آخر الكلمات على أمل ولوج عام جديد نحمّل أمانيه المشرقة وطموحاتنا المشروعة، نقف لنسترجع ما فات ونحاول أن نستلهم منه الأفضل والأرقى ليكون انطلاقة جديدة عمادها التميّز والإصرار على النجاح..والمشهد الثقافي الجزائري خلال السنة التي نودّعها عرف الكثير من التجاذبات والنجاحات، مثلما شهد بروز أسماء وأفول أخرى وزرع بذور جيل إبداعي جديد يملك الجرأة والموهبة. برزت عام 2013 أسماء شابة حملت مشعل الإبداع والتميّز في شتى روافد الفن والثقافة، حيث أشار المتتبعون للشأن الثقافي إلى بروز أقلام تأّلقت دوليا بجرأتها وموهبتها، خلقت نوعا ما نوعا من التوازن بين ثلاثة أجيال من المبدعين الجزائريين رغم اختلاف مصادر إلهاماتهم. وأثارت ”جموح الفواصل” لسارة حيدر، ”باردة كأنثى” لإسماعيل يبرير و«الجزائر، الصرخة” لسمير تومي اهتمام وإعجاب النقاد والصحافيين بالنظر للجهد المبذول في طريقة طرح المواضيع وعلاقتها بالجانب الحضري أو بالإثارة الجنسية أو تلك المرتبطة بالمأساة الجزائرية لسنوات التسعينات. وفي هذا السياق، حازت سارة حيدر عن ”جموح الفواصل” وهو أوّل عمل يصدر لها بالعربية، على جائزة ”الرواية الأولى- التوقّف في الجزائر-” في ماي 2013، فيما توّجت رواية ”وصية المعتوه” لإسماعيل يبرير في فيفري 2013 بجائزة الطيب صالح للإبداع الأدبي التي يمنحها النقّاد سنويا تكريما للكاتب السوداني، وحصد من جانبه سمير تومي أصداء إيجابية في الصحافة ولدى القراء منذ صدور روايته ”الجزائر، الصرخة” في أكتوبر الماضي والتي تمزج بين التساؤلات الوجدانية للمؤلف والجغرافية الخاصة للعاصمة الجزائر بأسلوب كتابي حيوي ذو النبرة الشعرية. كما ضمّت القائمة الطويلة لفرع ”المؤلِّف الشاب” للدورة الثامنة 2013 - 2014 لجائزة الشيخ زايد للكتاب، عملين جزائريين، هما ”المعرفة والارتياب- المساءلة الارتيابية لقيمة المعرفة عند نيتشه وامتداداتها في الفكر الفلسفي المعاصر” للدكتور عبد الرزاق بلعقروز، ورواية ”الحالم” لسمير قسيمي، اللتين ستخضعان لتقييم لجان التحكيم التي شكّلتها الجائزة، وتضمّ نخبة من المتخصِّصين في حقول الآداب والفنون والدراسات النقدية والتنمية وبناء الدولة؛ لاختيار الأعمال المرشّحة في قائمة قصيرة، ستعلَن خلال شهر مارس المقبل.وعلى صعيد متّصل، تمكّن الروائي وسيني الأعرج من افتكاك جائزة الإبداع العربي التي تمنحها مؤسسة الفكر العربي ببيروت عن روايته ”أصابع لوليتا”، وصنع ياسمينة خضرة الذي قدّم خلال 2013 رواية ”الملائكة تموت لجراحنا” الصادرة عن دار ”القصبة”، الحدث بدخوله القاموس الفرنسي ”لوبتي روبير”. عام 2013 شكّل أيضا مناسبة لاحتفال بمئوية ميلاد الكاتب مولود فرعون (1913-1962) الذي اغتيل قبيل الاستقلال، حيث سطرّت ”مؤسسة مولود فرعون للثقافة والتربية”، برنامجا ثقافيا وفنيا طيلة سنة 2013 يضمّ أياما دراسية وثقافية حول ”إلتزام مولود فرعون بالثورة..الأرض والدم، رواية ثورية”، مع تسليط الضوء على مسيرته الأدبية التي بدأت سنة 1939بكتابته لرواية ”ابن الفقير” التي تحصّل بها على عدة جوائز، مثل الجائزة الأدبية لمدينة الجزائر وجائزة الرواية الشعبية بباريس وجائزة أحسن كتاب للشباب بألمانيا وجائزة الحارس الشاب بموسكو وغيرها، وكتب مولود فرعون رواية ”الأرض والدم” التي نال بها جائزة الرواية الشعبية بباريس سنة 1954. على صعيد آخر، عرفت الأعمال السينمائية للمخرجين الجزائريين في 2013 حضورا ملحوظا في المهرجانات الدولية وتُوج العديد من هؤلاء بجوائز وتقديرات نظير أعمالهم، وتألّق خصوصا كريم موساوي الذي استطاع أن يقدّم في ”الأيام السابقة” بأسلوب بسيط مواضيع عميقة ونجح في التغلغل في أحشائها، فاستخرج الأهم منها وقدمها للجمهور الذي وجد نفسه على الشاشة من خلال أداء ممثلين جيّدين، كما كان وفيا للغة التي تستعمل من الشباب والشابات بأسلوبها ووقاحتها أحيانا. وفاز فيلم ”الأيام السابقة” بجائزة الفيلم القصير في الدورة ال 24 لمهرجان الفيلم العربي بفاماك (شمال شرق فرنسا)، وكذا بجائزة أحسن فيلم قصير في الأيام السينمائية الرابعة للجزائر العاصمة في نوفمبر الماضي، واختير للمشاركة في المسابقة الرسمية لمهرجان كليرمون فيرون الدولي للفيلم القصير من 31 جانفي إلى 8 فيفري القادمين. كما برز الفيلم الطويل ”الأسطح” لمرزاق علواش، الذي نافس إلى جانب أهم الأسماء الدولية في مهرجان البندقية السينمائي بإيطاليا، كما تحصّل علواش على جائزة أحسن مخرج عربي للسنة وهي الجائزة التي منحتها المجلة الأمريكية ”فارييتي” على هامش الدورة ال7 لمهرجان أبوظبي السينما الدولي، إلى جانب مشاركته في عدّة مهرجانات كمهرجان الأفلام الإفريقية الجديدة ”نيوأفريكن فيلم زفيستيفل” بماريلاند ومهرجان ”ألوان” السينمائي بنيويورك.وواصل فيلم ”التائب” التتويج وتحصّل على جائزة ”الإنجاز الباهر في السينما” في مهرجان سكاربورو السينمائي بتورونتو (كندا) كما وقّع حضوره في عدد كبير من التظاهرات على غرار المهرجان الإفريقي للسينما والتلفزيون لواغادوغو (فيسباكو) ومهرجان الشرق الأوسط السينمائي بإيدنبيرغ (اسكتلندا). فيلم ”يما” لجميلة صحراوي من جهته نال التقدير في جلّ التظاهرات السينمائية التي شارك فيها، وواصل تألّقه في 2013، حيث فاز بمهر ”ينينغا” الفضي في المهرجان الإفريقي للسينما لواغادوغو (فيسباكو) وجائزة ”أحسن فيلم” في مهرجان الفيلم الإفريقي ”افريكاميرا” ببولونيا وجائزة ”التعبير الفني” في مهرجان ”ميد فيلم” بروما (ايطاليا). وانفردت المخرجة الشابة صوفيا جاما بفيلمها القصير ”حابسين ...” الذي ترك بصماته في العديد من التظاهرات عبر العالم وكان من أهم تتويجاته جائزة أحسن فيلم قصير في الدورة الثانية لمهرجان الأقصر للسينما الإفريقية بمصر، إلى جانب صافيناز بوصبيعة التي واصل ”الغوستو” تحقيق النجاح في أوروبا والولايات المتحدة وناريمان ماري بفيلمها ”لوبيا حمرا” الذي حاز3 جوائز في الدورة ال24 للمهرجان الدولي للسينما بمرسيليا (فيد). وكانت ياسمين شويخ بدورها على موعد مع التتويجات حيث تحصل فيلمها ”الجن” على الجائزة الأولى للمسابقة الدولية للمخرجات العربيات في مهرجان بغداد السينمائي الدولي حيث شاركت رفقة مواطنتها نادية زواوي التي حاز أيضا وثائقيها ”خوف غضب وسياسة” جائزة تقديرية.