أنطفأت الأضواء على أطوار دورة كأس أمم إفريقيا لكرة اليد ال21 التي عاد فيها الفريق الوطنيإلى تألقه وأرجعتنا بسنين إلى الوراء، كانت تمر فيها هذه الرياضة في بلادنا بفترة ذهبية أوصلتها إلى أوج عطائها ومستواها الفني الذي فتح لها أبواب التألق عالميا أثناء مشاركتها في نهائيات كؤوس العالم بكل من إسلندا (1995)، اليابان (1997)، مصر (1999)، فرنسا (2001)، تونس (2005)، كرواتيا (2009)، السويد (2011) وإسبانيا (2013)، وقد عاد الفضل آنذاك إلى كرة اليد الجزائرية، في إحداث ثورة عالمية في التكتيكات الفنية من خلال اعتماد الفريق الوطني لطريقة الدفاع المتقدم والتي جعلت الاتحاد الدولي لهذه اللعبة آنذاك يقر بالعمل الكبير الذي كان ينجزه التقنيون الجزائريون في هذه اللعبة. وقد اضطر إلى استدعاء البعض منهم لإلقاء محاضرات حول تطورات اللعبة عالميا، وكان من بينهم محمد عزيز درواز وحسن خوجة، وهما على التوالي مدرب وطني ومدير فني وطني سابقا. كما أن تطور كرة اليد الجزائرية في تلك الفترة لم يأت بالصدفة بقدر ما كان حاصلا بفضل برنامج عمل مضبوط على مستوى الاتحادية والأندية التي كانت تشكل العمود الفقري للمنتخب الوطني، فكانت تمده بلاعبين تنافست عليهم أحسن الأندية العالمية من أجل الاستفادة من خدماتهم وتحولوا فيما بعد إلى مدربين أكفاء لم يتم للأسف استغلال كفاءاتهم لفائدة هذه الرياضة، ومنهم من دفعه الوضع الحاصل في الاتحادية إلى توقيف نشاطه الرياضي مبكرا، ومنهم من تحول إلى اختصاص رياضي آخر، وقد انقلبت الوضعية في كرة اليد الجزائرية رأسا على عقب بعدما أصابها فيروس الصراعات والإنقسامات التي حطمت في فترة وجيزة مكاسب كبيرة لرياضة وصلت إلى حد خطف الأضواء من كرة القدم المعروف عنها أنها أكثر رياضة شعبية في الجزائر، خاصة وقد أوصل التسابق غير الرياضي إلى سدة الاتحادية ومكتبها الفيدرالي تلك الصراعات إلى الهيئة الدولية للعبة وأعطيت لهذه الأخيرة فرصة التدخل في شؤون رياضة كرة اليد الجزائرية وفرض منطقها الذي قدم حلولا لا نظن أنها ستوقف الصراع الحاصل حول الإتحادية إذا لم تسارع هذه الأخيرة إلى لم شمل عائلتها الرياضية عبر استغلال الأجواء التي خلقتها نتائج منتخبها الوطني في كأس أمم إفريقيا، ووضع حد لسياسة الإقصاء التي طالت وجوه رياضية بارزة ساهمت بشكل فعال في بلوغ الكرة الصغيرة في بلدنا العالمية، وذهبت في الأخير ضحية مساومات وحسابات ضيقة أبعدتها عن فرصة تمثيل بلدنا في الاتحاد الدولي للعبة، بل وفوتت على الجزائر فرصة رئاسة هذه الهيئة على الأقل في السنوات القليلة القادمة.