تشير الإحصائيات إلى أن العاصمة تسجل وحدها ما يعادل 680 ألف طن سنويا من النفايات المنزلية، أي بمعدل طنين يوميا لكل عامل، الأمر الذي يقودنا إلى حجم المجهودات التي يبذلها عمال النظافة يوميا في مسيرتهم بغية تحقيق النظافة والراحة للمواطنين في كل شارع وحي، إذ تحصي الجزائر 100 ألف عامل نظافة على المستوى الوطني، يشكلون 30 بالمائة من موظفي البلديات المشغلين غالبا في إطار الشبكة الاجتماعية بمرتب 3 آلاف دج، أما المدمجين منهم فلا يتعدى أجرهم القاعدي 9 آلاف دج، إلا أن أغلبهم متمسكون بهذه المهنة بعد أن تجرعوا مرارة البطالة ليرضوا أخيرا بمهنة ينعتها الكثيرون بأوصاف غير لائقة وبمصطلحات تجرح مشاعر العديد من العاملين في هذا القطاع، في حق مهنة نبيلة أبطالها رجال يسهرون الليالي لضمان نظافة أحيائنا. في جولة استطلاعية ل”المساء” رفقة بعض عمال النظافة بالبليدة، في إحدى خرجاتهم التطهيرية بالأحياء، كانت الساعة تشير إلى السابعة ونصف صباحا ببلدية الصومعة، حيث كان الكل متأهبا لأداء وظيفته، بدأنا مع “عمي علي” الذي بدا لنا أكثر حماسا وتفانيا في مهمته وهو يجمع مختلف النفايات ويكنس حواف الطريق في رحلة إكمال المسافة الخاصة به والتي تمتد إلى أكثر من 1.5 كلم... تحدث إلينا بكثير من الفخر عن مهنته قائلا بأنها مصدر رزقه الوحيد، يعمل فيها منذ أكثر من 9 سنوات، وعن ساعات العمل يقول: “تمتد في العادة من السادسة إلى الواحدة زوالا، إلا أن الكثير منا يبدؤون العمل باكرا تفاديا للحرارة الشديدة في فصل الصيف، وأحيانا يأمرنا المسؤولون بالمغادرة بمجرد إكمال الأعمال، غير أن المؤسف في الأمر هو أننا بمجرد ما ننتهي من الأعمال نجد الكثيرين يسرعون إلى رمي النفايات ولا يهمهم المجهود الذي قمنا به، بل يرمون زبالتهم من الشرفات أو حتى من السيارات وإن حاولت الإعراب عن غضبك يرد عليك ببعض العبارات، مفادها أنها مهمتك وأنت الزبّال”. تركنا عمي علي ورحنا نراقب “عمي أحمد” الذي بدا مستمتعا بعمله، وكان ذلك ظاهرا عليه من خلال الابتسامة التي لم تفارقه. في حديثنا إلى عامل آخر، أكد لنا أن مشكل النظافة في الجزائر يعود إلى عدم التقيد بالمواعيد الخاصة برمي النفايات، فالعديد منهم يرمونها متى شاؤوا، مما يجعل أحياءنا لا تخلو من الأوساخ في كل وقت، ولو أن المواطن ينظم نفسه ويضبط وقت رميها لما كان هناك أي مشاكل، فنحن -يضيف - نقوم بمهمتنا والحمد لله، والكل يحترم مواعيد العمل، نحن متعاونون فيما بيننا، ينقصنا فقط التعاون من قبل المواطن عن طريق تجنب الرمي العشوائي. تشكل نفايات الأسواق بدورها حصة الأسد من النفايات التي تشوه شوارع أحيائنا وتأخذ الجهد الكبير من عمال النظافة، خصوصا ما تعلق بالأسواق الفوضوية، فالكثير من التجار بعد انتهائهم من عمليات البيع، لا يكلفون أنفسهم عناء رفع ولو القليل منها، ليتركوها ديكورا يزين شوارعنا في انتظار مجيء عمال التنظيف. ويثمن المواطنون المجهودات التي يبذلها جامعو القمامة، فهذا السيد “رضا” القاطن ب “حي عدل” بأولاد يعيش، يقول: “عمال النظافة يقومون بواجبهم كما يلزم، فلولاهم لأصبحت أحياؤنا كارثة بيئية، مؤكدا أنهم في حيّهم متقيدون بمواقيت رمي النفايات احتراما للمجهودات الجبارة التي يقوم بها عمال النظافة في سبيل نظافة المحيط، أما السيدة “فتيحة” من بلدية قرواو فتقول: “أحرص دائما على تنظيم نفاياتي فأضع الخبز جانبا، كما أحرص على استعمال الأكياس البلاستيكية الخاصة برمي القمامة، وأتجنب رمي المواد الزجاجية أو مواد أخرى، حيث أضعها في أكياس خاصة بها حتى أسهل المهمة على عمال النظافة الذين أرى أنهم قائمون بواجبهم على أكمل وجه، فيما اشتكى آخرون من انعدام حاويات القمامة في أحيائهم مما يضطرهم إلى وضع نفاياتهم عشوائيا أو تجميعها أمام مداخل العمارات، وهو ما يشوه منظر الحي ويبعث الروائح الكريهة في المكان.