لا تزال أزمة حليب الأكياس المدعم تؤرق المواطنين بعدد من بلديات العاصمة، بسبب تذبذب التوزيع وقلة العرض مقارنة بالطلب، الأمر الذي فتح المجال للمضاربة بالمنتوج واسع الاستهلاك لترتفع أسعاره إلى 30 و40 دج للتر الواحد، وهناك من ربط صداقات مع أصحاب المقاهي للظفر بكيسين من الحليب في اليوم. وأمام هذه الأزمة، يتقاذف الموزعون ومسيرو الملابن المسؤولية خاصة وأن مسحوق الحليب يوزع بطريقة عادية والإنتاج لم يعرف توقفا، وللرد على الطلب المتزايد قرر مجمع "جيبلي" رفع الإنتاج مع نهاية الشهر الجاري ب10 بالمائة. زيارتنا لعدد من بلديات العاصمة جعلتنا نقف عند تفاقم أزمة حليب الأكياس المدعم الذي تحول إلى عملة نادرة لدى عدد من تجار المواد الغذائية الذين استغل بعضهم اضطراب عملية التوزيع للمضاربة بالمنتوج، وحمل التجار الموزعين مسؤولية تأخر عملية تسويق الحليب في ظل ارتفاع الطلب خلال الأشهر القليلة الفارطة. ولدى الاستماع إلى انشغالات المواطنين أجمعوا على أنهم لم يتفهموا حتى الآن سبب الندرة التي ظهرت بين عشية وضحاها، فرغم تطمينات كل من وزير الفلاحة والتنمية الريفية، السيد عبد الوهاب نوري، ونظيره وزير التجارة، السيد مصطفي بن بادة، فإن الأزمة تتفاقم من يوم إلى آخر، خاصة بعد عودة صور الطوابير الطويلة أمام المحلات قبل فتحها والتهافت على شاحنات توزيع الحليب فور وصولها إلى الأحياء، وحسب شهادة البعض فإن هناك من ربط صداقات مع أصحاب المقاهي لتوفير كيس أو كيسين من الحليب.
تخفيض حصص الموزعين وراء تذبذب التوزيع من جهتهم، أرجع الموزعون سبب ندرة الحليب إلى قرار عدد من الملابن القاضي بتخفيض حصصهم اليومية، وحسب تصريح نائب رئيس نقابة الموزعين، السيد أمين بلور، ل«المساء"، فالعجز المسجل في تسويق الحليب المدعم بلغ 25 بالمائة فبعد أن كان الموزعون يستفيدون من 530 ألف لتر يوميا انخفضت حصصهم إلى 400 ألف لتر وهو ما انعكس على العرض مقابل الطلب الكبير على المنتوج، مشيرا على سبيل المثال إلى قرار ملبنة "كوليتال" ببلدية بئر خادم –وهي الممونة الرئيسية لبلديات العاصمة- القاضي بتخفيض الحصص اليومية للموزعين إلى 300 صندوق بعد أن كانوا يستفيدون من 400 صندوق، وما زاد الطين بلة هو تأخير عملية التوزيع من 10 إلى 15 ساعة يوميا، وبما أن الملبنة تتعامل مع أكثر من 120 موزعا فإن تأخير عملية الاستفادة من الحصص اليومية انعكس على عملية التوزيع نفسها، فعوض الوصول على الساعة السابعة صباحا إلى محلات التجزئة يتأخر وصول الموزعين إلى غاية منتصف النهار وأحيانا إلى المساء وهو ما خلق ندرة في المنتوج خاصة إذا عملنا أن المواطن تعود على اقتنائه في الساعات الأولى من النهار. ومن مجمل العراقيل التي تعيق إنتاج حليب الأكياس المدعم يقول ممثل نقابة الموزعين قدم الجهيزات التي تعود لأكثر من خمسين سنة، ونظرا للموقع الاستراتيجي والمكانة الاقتصادية لملبنة "كوليتال" وجدت وزارة الفلاحة صعوبة كبيرة في إطلاق أشغال الصيانة وهو ما جعل الموزعين يجتمعون بالمدير العام للملبنة، السيد سراج مناد، الذي وعدهم بحل المشاكل التي تعيق عملية رفع الإنتاج مع السهر على تطبيق القوانين بصرامة خاصة فيما يتعلق بالاعطاب التي يحدثها بعض العمال. من جهته، أوضح الرئيس المدير العام لمجمع "جيبلي"، السيد حريم مولود، وهو الذي يسير 15 ملبنة عمومية منها ملبنة "كوليتال" ببلدية بئر خادم، أن عملية توزيع مسحوق الحليب تتم بصفة عادية لكل الملابن وهي نفس الحصص التي كانت توزع السنة الفارطة والمقدرة ب7200 ألف طن سنويا بهدف إنتاج 2,5 مليون لتر يوميا بالإضافة إلى 300 ألف لتر من الحليب الطازج، لكن الطلب فاق العرض منذ شهر ديسمبر الفارط بالنسبة للعاصمة وذلك بعد ارتفاع عدد الموزعين المتعاقدين مع ملبنة "كوليتال" مما جعل الإنتاج المقدر ب400 ألف لتر يوميا لا يكفي كل الموزعين، مع العلم أن ندرة الحليب مست بلديات دون أخرى. وبغرض مواجهة الطلب المتزايد، كشف السيد حريم ل«المساء" عن قرار رفع حصص مسحوق الحليب الموجه لملبنة "كوليتال" قبل نهاية الشهر الجاري بنسبة 10 بالمائة وهو ما سيرفع نسبة الإنتاج إلى 3 ملايين لتر من الحليب يوميا، بالمقابل ستتم إعادة النظر في قائمة التغطية الخاصة بالموزعين ليتم ضمان تغطية كل البلديات.