يرى المختص في علم النفس التربوي الدكتور رضا حيرش من جامعة البليدة، أن أسباب لجوء الأطفال والمراهقين إلى الأنترنت وإدمانهم عليها ودخولهم إلى المواقع الإباحية نتاج التسلط الأبوي، وعدم التوجيه الصحيح للأبناء حيث يقول: “إن الأسلوب القمعي التسلطي الذي يمارسه الأولياء في تربية الأبناء وراء انزلاقهم لعالم يجيب على أسئلتهم بطريقة أخرى، وأرى أن التعامل الديمقراطي والحوار يجنب وقوع مثل هذه الأمور، إذ تكفي الإجابة البسيطة المدروسة على أسئلة الأطفال الجنسية وإيضاح أن مثل هذه الغرائز قد أوجد الشرع والعرف لها منافذ والمتمثلة في الزواج، فمن الصعب منع المراهق من الدخول إلى الأنترنت أو مشاهدة بعض المواقع لأنه في عملية استكشاف الذات، لذا يجب أن يفهم معنى الغرائز الجنسية، وكيفية تنظيمها، علما أن هناك خطر آخر على المراهق والمتمثل في الكليبات الراقصة التي تؤثر بطريقة كبيرة على سلوكه والذي تنجر عنه الانطوائية، فغياب الثقافة الجنسية في المدارس والمقرر الدراسي واعتبارها طابوهات، وكذا النظرة السلبية للحب والجنس وحتى العلاقة بين الرجل والمرأة، والتأويلات الخاطئة للأشياء وبعض التقاليد، تجعل الفرد عاجزا عن التعامل الصحيح مع الأمر، كما أن الإمام لا يقوم بدوره في التوعية في هذا الجانب، ولا المنظومة التربوية، ولا الأسرة التي تعتبر الحديث في الجنس طابو لا يقترب منه، ما يدفع الأطفال والمراهقين إلى إيجاد إجابات في الأغنية الرايوية التي تنقسم إلى قسمين منها ما يؤمن الإجابات العاطفية وأخرى تحمل الإيماءات الجنسية، وفي المواقع الإباحية التي تقدم الإجابات وتعبر عن الرغبات المقموعة مع تقديمها الجديد الذي يخزنه الطفل أو المراهق في الذاكرة ليأخذ حيزا كبيرا من تفكيره ويمنعه من مزاولة الدراسة والتحصيل العلمي. وحول الحلول التي يقترحها المختص لحماية الأبناء قال: “هناك بعض الحلول السريعة للقضاء على الظاهرة، ومنها وضع برامج ولوجيسيالات تمنع الوصول إلى مثل هذه المواقع، إلا أنني أشجع تربية الطفل على أسس سليمة وإعطائه حرية التفكير، والقدرة على التمييز والتعامل الطبيعي مع الأشياء من خلال التوضيح والأسلوب المهذب في إيصال الأفكار، لأني أرى أننا مجتمع محافظ وعجزنا في تسيير التكنولوجيا لأن هناك تناقض بين التقاليد التربوية والقيم”.
ياسين مشطة مختص في علم الاجتماع: على الأئمة والأطباء والآباء أن يلعبوا دورهم في التربية والتوعية
يرى الأستاذ ياسين مشطة، المختص في علم الاجتماع بجامعة بوزريعة، أن القاصر ليس لديه الوعي لأنه لم يصل بعد إلى السن التي تسمح له بالتفريق بين الصالح والطالح، وأن قدراته على المقاومة لم تصبح جاهزة بعد، وبما أننا في عصر التكنولوجيا التي تعتبر سلاحا ذا حدين، والتي يمكن أن تكون جد إيجابية إذا تم استخدامها بطريقة تنفع الفرد والمجتمع، لكن إذا تم استخدامها بأسلوب سيء على غرار دخول المواقع الإباحية التي تؤثر على القاصر من خلال إصابته بأمراض نفسية تنعكس على سلوكياته، من خلال ممارسة العادة السرية التي تؤثر عليه فيصبح عبدا للشهوة الجنسية، حسبما يشير إليه المختصون في علم النفس العصبي، حيث تستوطن الصور في الذاكرة لتتحول آليا إلى اللاوعي ثم تنتقل إلى الوعي من خلال تجددها في الذهن ما يدفع بالمراهق أو الطفل لممارسة العادة السرية في كل وقت فيتحول إلى فرد منهك القوى، قليل التركيز. وقد أشار مخبر قسنطينة، من خلال دراسة قام بها حول الأنترنت، التي يستعملها حتى الكبار بطريقة سلبية، إلا أننا لم نصل بعد إلى الوعي الكافي في استعمالها بطريقة سليمة، حيث تستغل في العلاقات الغرامية والجنسية غير الشرعية، ولهذا يستوجب على الأسرة أن تلعب دورها في حماية طفلها، من خلال مراقبته وتوجيهه والتصرف بإيجابية، إذ لا يمكن بأي حال من الأحوال حصول طفل في 10 من عمره على هاتف نقال من الجيل الأخير، إذ يستحسن أن يحصل عليه عند حصوله على البكالوريا، كما يستوجب أن يلعب الأطباء أيضا دورهم في الجانب التحسيسي، من خلال كسر الطابوهات، وأن تكون لديهم الجرأة للحديث عن مساوئ العادة السرية الممارسة من طرف الصغار والمراهقين من جراء مشاهدة هذه المواقع”.ولذا يستوجب على الأئمة والأطباء والآباء أن يلعبوا دورهم في التربية والتوجيه والتوعية.
المختصة في علم النفس الإكلينيكي فاطمة الزهراء شرفاوي: المواقع الإباحية تهدم الصحة النفسية للمراهق
أكدت الأخصائية في علم النفس الإكلينيكي فاطمة الزهراء شرفاوي، أن الأنترنت سلاح ذو حدين، أي أنها تحمل في جوهرها النفع والضرر، إلا أن أشدها وقعا على الصحة النفسية للفرد وخاصة الطفل والمراهق هي المواقع الإباحية، خاصة إذا بلغت مشاهدتها حد الإدمان، حيث يتعرض لصدمة نفسية شديدة في البداية، ليتابع تفاصيل المشاهد باندهاش كبير، تعود سلبا على تصرفاته بعد التعود أو الإدمان، بحيث يؤثر هذا الأمر على تحصيله الدراسي، ويصرف الطفل ساعات طويلة أمام الجهاز للاطلاع على هذه المواقع، حيث أكدت ملاحظاتنا أن الأطفال النجباء يتحولون بفعل الإدمان عليها إلى ضعفاء. لماذا التدهور في المستوى الدراسي؟ أول ما يتأثر بفعل المشاهدة هو التركيز، فالطفل يسترجع تلك الصور التي تعمل على إضعاف ذاكرته بعد سيطرتها على مساحة كبيرة منها، ليأتي دور الاستغراق في أحلام اليقظة والسرحان الدائم، وهنا لايمكن للطفل أو المراهق أن يحفظ ولا يركز ولا ينتبه، ويشعر بالإرهاق الشديد مما يؤدي لإصابته بالخمول والكسل، كما أن هؤلاء الأطفال يفضلون العزلة، لتصبح هذه المواقع لعبتهم المفضلة وبهذا يضيع من الطفل نصيبه من البراءة وتكوين شخصية سوية، وهنا تهدم أشياء كثيرة هامة في حياته لأنه يفهم الأمور فهما خاطئا وتصبح لديه تصورات خاطئة للحياة. كما يعمد الطفل إلى التصرفات السلبية وتقليد هؤلاء الأشخاص مع الأطفال في مثل سنه. علما أن مواقع التواصل الاجتماعي أيضا تشكل خطرا على الطفل منها غرف الدردشة حيث يقع الطفل ضحية للمتحرشين. وتضيف محدثتنا قائلة: “5 ساعات من الجلوس أمام الكمبيوتر وتصفح المواقع الإباحية، أو من خلال الهاتف المحمول الذي أصبح في متناول الجميع، الذي يسهل عملية ولوج المواقع بدون رقابة أيضا تحول الطفل إلى سريع الغضب، عنيف وسارق. وإضافة إلى كل التصرفات الظاهرة يتركب في لا شعوره القلق وهو سبب من أسباب الخوف الكامن في الأعماق، وهذا التدرج في الاضطرابات يؤدي إلى الاكتئاب والشعور بالصداع والألم الجسدي، الذي يكون مصدره نفسيا بالدرجة الأولى. وحول الأمور التي تدفع بالأطفال للذهاب إلى هذه المواقع تقول الدكتورة: “هناك أمور عديدة تساهم في دخول الطفل إلى هذه المواقع منها الفضول وحب الاكتشاف، حب التقليد، الصدفة والفراغ أيضا، إلى جانب سبب جوهري وهو الأصدقاء الذين يعلمونه الدخول إلى هذه المواقع وتبادل العناوين فيما بينهم”، وفيما يخص الصدفة، تقول المختصة أن الراشدين أيضا يلعبون دورا فيها وتضيف، “عندما يذهب الطفل إلى الفضاء “السيبرالي” أو يجلس أمام جهاز الكمبيوتر في البيت ويتفقد ما شاهد من كان قبله هناك، وقد ترك النافدة مفتوحة، هنا يتحرك فضول الطفل الذي لا يقاوم رغبته في المشاهدة، كما يمكن أن تصله رسالة مجهولة عبر بريده الإلكتروني من هذه المواقع وفور فتحها يشاهد تلك الصور الخليعة”. كيف نحمي أبناءنا من جرائم الأنترنت والمستدرجين؟ في هذا الشق تقول المختصة: “هناك عدة أمور يجب أن تراعى لحماية الأطفال والمراهقين من الخطر القادم من الشبكة العنكبوتية، أولها توفر الهدوء والسكينة في البيت، حيث يشعر الطفل بالراحة بعيدا عن المشاكل والصراعات التي تبعث به إلى عالم الخيال للهروب من عالمه المؤلم، وهنا يستوجب على الآباء الاستماع لأبنائهم وإحاطتهم بالرعاية والاهتمام، وهذا بتبني لغة الحوار من خلال توجيه الطفل نحو الاستعمال الجيد لهذه التكنولوجيا وإظهار أنواع المخاطر التي تتربص به من قبل المرضى والمجرمين والمنحرفين، مساعدة الطفل على اختيار الأحسن من البرامج والنوافذ الموجودة في التكنولوجيا وهي الجوانب الايجابية والكثيرة جدا، وأود التأكيد على أن للآباء دورا هاما في إيصال الرسالة من خلال التربية السليمة إذ يستحيل أن يقوم أحد الوالدين بمشاهدة هذه المواقع والابن قد لاحظ ذلك، كما أن الفراغ يلعب لعبته القذرة في القضية، لذا لابد من ملء فراغ الطفل بما أنه مفسدة وذلك بدفعه وتشجيعه على ممارسة الرياضة، المطالعة، تعويده على تحمل بعض المسؤوليات الخفيفة التي تشعره بأهميته في البيت، ويمكن للآباء أيضا كحل جزئي الاستعانة ببرامج مكافحة خطر الأنترنت التي تكفلها اتصالات الجزائر، إلا أنني أصر على ضرورة تلقين الطفل أسس تربوية سليمة لحمايته من المخاطر”.
وللانترنت جوانب إيجابية شتى ...
وفي كل الأحوال لا يمكن أبدا نكران الجانب الإيجابي للتكنولوجيا التي خلقت لأشخاص ذوي وعي كبير، إذ يكفي طلب الشيء من غوغل، وإعطائه أمر الرد لتلقي الإجابة، وعند تعسر الفهم تسأل التكنولوجيا بأدب هل تقصد هذا؟، وقد فتحت الآفاق أمام الباحثين، المفكرين، الطلبة والصغار الذين يقصدون النوادي لإجراء مختلف البحوث للتقدم في مسارهم الدراسي وتحصيلهم العلمي، كما أن المواقع الاجتماعية التي يشرف عليها أشخاص راشدون ومثقفون أثبتت قدراتها في مساعدة الآخرين، ورفع الغبن عن المحتاجين، على غرار الفرق والجمعيات الخيرية الناشطة، وكذا مساعدة الطفولة وتنبيه الآباء للمخاطر التي تتربص بهم من هنا وهناك، لذا فهي خادم مطيع، لكنها سيد سيء إذا تم استخدامها بطرق سلبية.