من حق الأحزاب والتنظيمات والشخصيات الفاعلة في البلاد أن تنتقد وتصوب وتنبه وتدلي بدلائها في ساحة السياسة والملفات والاستحقاقات الوطنية، فهي العين التي تراقب سيرورة وصيرورة شؤون البلاد والعباد، لكن من واجب هذه الأطراف -التي قد تتفق حول أشياء وتختلف بشأن أخرى- أن تواصل النضال الاجتماعي والسياسي والجمعوي، لأنها لم تنشأ فقط لتقول كلمتها في الرئاسيات وتدلي بدلوها في المحليات، وتتفلسف في التشريعيات لتعود بعدها إلى شرنقتها لممارسة مهنة ”النوم السبات”. بل ومن واجب أي من هذه الأطراف المذكورة على اختلاف رؤاها وأفكارها -إن أرادت أن تكون فعالة ومقنعة ورابحة سياسيا واجتماعيا- أن تخرج كل ما لديها من أفكار إيجابية وتستثمر كل ما بوسعها من طرق الجذب في توسيع رقعتها وتمتين قاعدتها، كي تكون في المواعيد والاستحقاقات القادمة قائمة على أرجل صلبة وأعمدة متينة. لكن من الخطإ بمكان أن تخرس الأصوات وتعمى الأبصار وتشل الحركة وتتحول الأحزاب والتنظيمات والشخصيات إلى ”مومياءات” في متحف الحياة المتحركة التي لا تنتظر أحدا.. حتى إذا جد الجد وخانتها الحيلة أرجعت سبب ضعفها ووهنها إلى المحيط وليس للذات، وصبت جام غضبها وحنقها على كل من لا يسير في نهجها أو ينتقد قصورها وضمورها، ومثلما يقول المثل التجاري ”اللي يحوس يربح.. العام طويل”. من هذا المنطلق، يتعين على من يريدون أن يقودوا ويسودوا في المجتمع ألا يسيروا عكس نواميس الحياة وقوانين التغيير الحقيقي، وأنه ليس من العقل أو المنطق أن نسمع بأحزاب وتنظيمات وشخصيات تريد أن تحصد ”أطنان السنوات” في أيام معدودات وتحرق أشواطا لا يمكن المرور بدونها.