احتكاك نعيمة امحايلية الشاعرة والكاتبة المسرحية والروائية بالمسنين، بحكم علاقة الصداقة التي تجمعها مع السيدة سعاد شيخي، رئيسة جمعية ”إحسان” للشيخوخة المسعفة، جعلها تفكر في جمع الحكايات المبعثرة عبر الوطن حول التراث الجزائري، والتي تختزنها ذاكرة المسنين في قرص مضغوط، هدفها من وراء هذا العمل الذي شرعت فيه منذ مدة تقول هو ”الحفاظ على الثقافة المحلية الغنية”. التقت ”المساء” بالشاعرة والكاتبة المسرحية نعيمة بمناسبة مشاركتها مؤخرا في الحفل الذي أقيم على شرف المسنين والمسنات بمناسبة ”يوم العلم”، حيث حضرت للاحتكاك بهم والدردشة معهم حول ما ظل عالقا في ذاكرتهم من قصص وروايات قديمة. حدثتنا عن مشروعها البحثي قائلة: ”ثقافتنا غنية ومتنوعة، ولأنني أميل إلى كل ما هو تراث، فكرت في المشاركة من أجل الحفاظ على الموروث الثقافي المتمثل في القصص والحكايات الشعبية التي تم تداولها قديما، وبما أن المسنين يحبون كثيرا سرد الحكايات التي تناقلوها عن آبائهم وأجدادهم، فلم يكن من الصعب عليّ الانطلاق في مشروعي نتيجة التجاوب السريع معي”. ميل الروائية نعيمة إلى جمع القصص الشعبية جاء وليد تنقلها المستمر عبر مختلف ولايات الوطن واحتكاكها بالمتقدمين في السن، الذين يمثلون بالنسبة لها الذاكرة المنسية، وحسب محدثتنا، فإن التراث في الجزائر يختلف من منطقة إلى أخرى، ولكل منها خصوصية تجعلها تنفرد عن غيرها، تقول: ”هناك خصوصيات يجهلها العديد من أفراد جيل اليوم، الأمر الذي جعلني أفكر في تحويل القصص والحكايات إلى واقع ملموس أجسده على قرص مضغوط، بالاعتماد على صوتي في السرد، على اعتبار أن تقنيات القراءة ليست في متناول الجميع، لأن مشروعي استهدف كل الشرائح الاجتماعية كالأطفال الصغار، ومن منطلق أن البعض يفضل الاستماع بدل القراءة، أجعل كل من يستمع إليه يشعر بالحنين إلى الماضي البعيد”. تركز نعيمة على الحكايات الشعبية و”المحاجيات”، مثل حكايات ”مقيدش”و”جحا” وتقول بأنها بدأت رحلتها في البحث والجمع من ولاية تمنراست ومنطقة توارت بأدرار، ومنطقة قورارة بتيميمون، إلى جانب بعض مناطق بشاروتاغيت وسيدي بلعباس. ولعل ما استوقفها، ذلك الثراء الكبير في القصص والحكايات الشعبية عند التوارق الذين يكتنزون قصصا فريدة من نوعها وغير معروفة تسرد باللهجة الترقية، وتعكس ثقافة هذا المجتمع. وفي ردها عن سؤالنا حول اهتمامها بجمع الحكايات الشعبية من أفراد المجتمع، أكدت أن أول من اهتم بجمع الحكايات الشعبية من منطقة قورارة هو الباحث والروائي مولود أمعمري والباحث رشيد بليل، وأعتبر نفسي، تقول: ”واحدة من المهتمات بالموروث الشعبي، وأسعى إلى تقديم عمل يحفظ الذاكرة، فمثلا اليوم لا نسمع عن (القوال) الذي كان يؤدي رسالة عبر الحكاية التي يسردها، وهو أمر أعمل على إعادة الاعتبار له. ولم تعد الحكاية الشعبية محط اهتمام، الأمر الذي يجعلها تختفي مع انتشار التكنولوجيا الكبير، لذا فكرت في إدراجها في أقراص مضغوطة بهدف إعادة إحيائها.