التبس الأمر في الفترة الأخيرة حول من يقود الحكومة المؤقتة في ليبيا، إن كان رئيس الوزراء المستقيل عبد الله الثني، أم احمد معيتيق، الذي انتخب مؤخرا وتضاربت الآراء بشأن شرعية عملية انتخابه. ففي الوقت الذي لا يزال فيه عبد الله الثني، يواصل مهامه في تصريف أعمال الحكومة المؤقتة، رغم انه قدم استقالته الشهر الماضي، فإن احمد معيتيق، رجل الأعمال الشاب يقدم هو الآخر نفسه على أساس انه رئيس للوزراء، ويتصرف وفق ما تمليه مسؤولياته في هذا المنصب. ويستمر هذا الالتباس بعد أن كانت عملية اختيار رئيس الحكومة الجديد، شهدت تضاربا في حساب أصوات نواب البرلمان المشاركين في عملية التصويت نتج عنه إصدار عز الدين العوامي، النائب الأول لرئيس الهيئة التشريعية قرارا كلف من خلاله عبد الله الثني، رئيس الحكومة المؤقتة بالاستمرار في مهمة تسيير أعمال الحكومة قبل أن يصدر رئيس المؤتمر نوري أبو سهمين، قرارا مناقضا يقضي باعتماد معيتيق رئيسا للحكومة الجديدة. وعلى أساس هذين القرارين المتضاربين يواصل كلا الرجلين الإدلاء بتصريحات يدّعي كل واحد منهما انه الوزير الأول، في مشهد أكد مدى عمق الأزمة السياسية في ليبيا التي انعكست سلبا على وضع أمني عرف تفاقما كبيرا في الأسابيع الأخيرة، وخاصة في مدن شرق البلاد. وبنفس درجة تعقيد الأزمة السياسية في طرابلس، يبقى احتواء الوضع الأمني في مختلف مناطق البلاد اكبر هاجس يؤرق السلطات المؤقتة التي عجزت عن الحد من هذه الوضعية التي زادت في درجة مخاوف الليبيين وأثارت قلق المجموعة الدولية. فلا يكاد يمر يوم على هذا البلد إلا وتناقلت وسائل الإعلام أخبارا بوقوع مزيد من أعمال العنف من خلال هجمات مسلحة، ومحاولات اغتيال ضد مسؤولين محليين ورعايا أجانب، وحتى اشتباكات بين المليشيات المسلحة وقوات الأمن تسفر في كل مرة عن سقوط مزيد من الضحايا بين قتلى وجرحى. وضمن هذا المسلسل المستمرة حلقاته قتل أمس، أربعة عسكريين وأصيب آخر في هجمات متفرقة نفذها مسلحون مجهولون بمدينة بنغازي شرق ليبيا. وقال مصدر امني أن ضابطا عسكريا قتل بحي الحدائق بوسط المدينة بعدما تعرض لوابل من الرصاص عندما كان يقود سيارته رفقة نجله الذي نجا بأعجوبة. وتزامن مقتل هذا الضابط مع مصرع ثلاثة جنود وإصابة آخر في هجومين منفصلين بحي السلام بنفس المدينة التي تحولت إلى مسرح لأعمال عنف شبه يومية. وإذا كان هؤلاء الجنود قد لقوا مصرعهم على الفور فإن الأمين العام للمنظمة العربية لحقوق الإنسان، عبد المنعم الحر، نجا من محالة اغتيال استهدفته أمس، وهو في طريقه إلى مطار طرابلس للسفر إلى مصر لحضور اشغال مؤتمر حقوقي. وأكد الحر تعرضه إلى إطلاق نار من قبل مسلحين قال انهم كانوا على متن سيارة لا تحمل لوحات معدنية، كما أكد انه لم يتم التعرف على هوية المسلحين الذين أطلقوا ثلاثة عيارات نارية ثم لاذوا بالفرار دون أن تحصل إصابات أو أضرار بشرية أو مادية. ووسط هذه الفوضى الأمنية العارمة، كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن إطلاق عدة دعوات من داخل ليبيا من اجل تدخل أجنبي لمساعدة سلطاتها على وضع حد للفوضى الأمنية. وهي دعوات لم يستسغها رئيس الحكومة المؤقت المعين حديثا، احمد معيتيق، الذي سارع الى التأكيد على رفضه القاطع لأي تدخل خارجي في شؤون بلاده الداخلية، وقال إنه أمر غير مقبول وهذه الدعوات تبقى مجرد تصريحات إعلامية أكثر منها واقعية. وحتى وان اعترف رئيس الحكومة المؤقتة، ضمنيا بأن تسوية المعضلة الأمنية في بلاده تحتاج إلى التواصل مع كل الأطراف في العالم، فقد أكد ضرورة التفاهم والجلوس على الطاولة من منطلق أن حدود ليبيا تحتاج إلى منظومة أمنية متكاملة يتعاون فيها أهل الجنوب مع القطاعات الأمنية.