كشف مختصون خلال ملتقى حول تقنيات الإعلام والاتصال في التأسيس للتربية الصحية ودورها في تعزيز المنظومة الوطنية للصحة، أن الإعلام يعتبر محوريا في مجال التعريف بمختلف الأمراض والأوبئة التي قد تتربص بالصحة العمومية، ناهيك عن دوره في تعزيز عمليات الوقاية والتحسيس بهدف الوصول إلى تأسيس ثقافة علاجية تقي المجتمع من مخاطر كثيرة. وعلى هامش الملتقى، كان ل«المساء» لقاء مع الأستاذ حسن جاب الله، أستاذ جامعي في علوم الإعلام والاتصال الذي كانت له مداخلة قيمة حول دور الإعلام في تعزيز التربية الصحية. وفي معرض حديثه إلينا، قال الأستاذ أن الإعلام يلعب دورا هاما في توطيد العلاقة بين الطبيب والمريض، لأنه يسمح للمرضى بإقامة علاقات ثقة مع الأطباء. كما يعد الإعلام محورا أساسيا للتنمية البشرية، خاصة في المجال الطبي وتحديدا بالنسبة للمرضى، لتعريفهم بسبل الوقاية وإبعاد شبح الإصابة بأي مرض. في هذا السياق، اعتبر الأستاذ أن الوقاية تعزز من خلال الإعلام ووسائله التي تسمح بالتحسيس على نطاق واسع لتفادي المرض عوض اللجوء إلى الأدوية بعد تطور المرض. كما اعتبر أن دور الإعلام أساسي في مجال التوعية الصحية للفرد والمجتمع، ويتأتى ذلك من خلال الحماية الأسرية التي يوفرها الأهل لأطفالهم في المقام الأول، ثم يأتي بعدها عاملا التوعية والتحسيس الموكلان خصيصا للإعلام في تعزيزهما حفاظا على الصحة العمومية. من جانب آخر، تحدث الأستاذ جاب الله عن نقص تكوين الصحفيين في المجال الصحي بما يضمن تعزيزا لدورهم التحسيسي في جانب الحفاظ على الصحة، ودعا مختلف الفاعلين إلى أن يأخذوا بعين الاعتبار هذه المسألة ليصل الصحفي إلى درجة التخصص، بالتالي المساهمة أكثر في إثراء التربية الصحية. وهو ما يجعل الإعلام مدعوا إلى أن يدلي بكل ثقله في هذا المجال تحديدا، علما أن هناك 4 ملايين نسخة من الجرائد متوفرة للمواطنين يوميا في مجتمعنا، وهذا الرقم اعتبره محدثنا كبيرا، متسائلا عن حجم المنفعة التي قد تعود على المجتمع ككل في جانب الوقاية والتحسيس من الأمراض والأوبئة إن تم استغلاله بطريقة احترافية، ناهيك عن الإذاعة والتلفزيون والأنترنت وحتى الجوالات التي تشير الأرقام بشأنها إلى وجود 34 مليون جزائري مشترك في خدماتها، «مما يعني أن وسائل الإعلام ووسائط الاتصال يمكنها أن تكون وسيلة إيجابية ضاغطة للوصول إلى ثقافة صحية إيجابية تحمي الصحة العمومية»، يقول الأستاذ جاب الله مضيفا: «لهذا الغرض بالذات، جاء تنظيم هذا الملتقى، فثنائية الإعلام والصحة تمثل في نظري القاعدة التي يتأسس عليها الوضع الصحي في عالم اليوم، فالصحة مطلب إنساني غاية في الأهمية، والإعلام هو الوعاء الملائم الذي يساهم في الترويج لهذا المطلب والتأكيد عليه وتحقيقه على أرض الواقع». ولتحقيق هذه الثنائية، دعا الأستاذ إلى تكوين الإعلاميين بشراكة بين المؤسسات الإعلامية ووزارة الصحة وحتى مع مدرسة الصحافة، خاصة في ظل توفر الإمكانيات والوسائل، «لكن أتأسف، كون الصحافة اليوم أصبحت تهتم بجلب المستهلك أكثر من شيء آخر، بمعنى تهتم بالمواضيع الظرفية التي تكسبها أعدادا من القراء، تماما مثلما هو حاصل هذه الأيام مع موضوع «فيروس كورونا» التنفسي، نجد أن الإعلام لا يهتم بإعطاء مزيد من النصائح الوقائية للتعامل الحسن مع هذا الفيروس، مثلا الجوانب الوقائية وغسل الأيدي، بقدر ما يهتم بإعطاء إحصائيات عن الوفيات بسببه وبؤر انتشاره، لذلك نشدد على أن للإعلام دور لا يستهان به في الحفاظ على الصحة العمومية». من جهة أخرى، تحدث الأستاذ عن عالم اليوم الذي أصبح يعرف بعالم الثورة الإعلامية، حيث أصبح الإعلام بوسائله المختلفة المرئية والمقروءة والمسموعة ملازما لنا في كل لحظة من لحظات حياتنا وفي كل مكان تقريبا، بل إنه أصبح المؤثر الأكبر في تشكيل أفكارنا وقيمنا وقناعاتنا وعاداتنا وسلوكياتنا، وأعطى في ذلك بعض الأرقام، حيث أشار إلى وجود 16 ألف مقهى أنترنت، إلى جانب وجود أكثر من 6 آلاف صحفي يمثلون الإعلام المحلي، منهم حوالي 50 صحفيا يمثلون الصحافة الأجنبية، إلى ما يقارب 15 مؤسسة في مجال تكوين الصحفيين، وهي الأرقام التي قال عنها الأستاذ بأنها كبيرة يمكن لها أن تجعل من الإعلام محوريا في مجال التربية الصحية، إضافة إلى مساهمته في تحقيق الصحة الجسدية والنفسية سواء عبر البرامج أو المقالات التوعوية.