تباينت مقترحات المشاركين في جلسات المشاورات حول تعديل الدستور، في آخر يوم من أسبوعها الأول بين الداعي إلى اعتماد نظام شبه رئاسي، والمطالب بالنظام البرلماني، وشملت المقترحات التي سجلها أحمد أويحيى، خلال هذا اليوم أيضا المطالبة بتوسيع صلاحيات البرلمان، واستبدال المجلس الدستوري بمحكمة دستورية، فضلا عن تجدد الإلحاح على مراعاة مبدأ التوافق حول المشروع، وترجيح تمريره على الاستفتاء الشعبي، وهذا في وقت أعلنت فيه رئاسة الجمهورية، عن برمجتها ل26 مقابلة خلال الأسبوع الثاني من التشاور الموسع حول هذا المشروع الوطني الهام. فقد شكل هذا المطلب الأخير أحد أبرز المقترحات التي تقدم بها حزب الحرية والعدالة، خلال اللقاء الذي جمع رئيسه محمد السعيد أوبلعيد، أول أمس، بمقر رئاسة الجمهورية بالسيد أحمد أويحيى، المكلف بالإشراف على المشاورات، حيث ألح الحزب على ضرورة تمرير مشروع مقترحات تعديل الدستور على الاستفتاء الشعبي بدلا من البرلمان، مرافعا في نفس الوقت من أجل تبنّي نظام ديمقراطي وتكريس استقلالية القضاء. وفي تبريره لرفض حزبه تمرير مقترحات التعديل الدستوري على البرلمان، قال محمد السعيد، في تصريح للصحافة بأن "ظروف انتخاب هذا البرلمان وسوابق مشاورات 2011 التي حوّلت حوصلتها إلى مشاريع قوانين بعد تمريرها على البرلمان الذي قام بإفراغها من محتواها، تدفعنا إلى المطالبة بتمرير هذا المشروع على الاستفتاء الشعبي". وشدد حزب الحرية والعدالة، على ضرورة مراعاة مبدأ التوافق الوطني في تجسيد مشروع التعديل الدستوري، داعيا في هذا الصدد إلى تقديم حوصلة المشاورات إلى الأطراف المشاركة فيها والمقاطعة لها، باعتبار أن "مصير الجزائر يهم الجميع، ومن واجب الدولة أن تشرك الجميع في تقرير مصير الأمة"، كما طالب بتوسيع دائرة المشاورات إلى أكبر عدد ممكن من الفعاليات السياسية والنقابية والاجتماعية "للخروج بوثيقة دستورية تنهي عهد عدم الاستقرار المؤسساتي الذي عرفته الجزائر منذ الاستقلال". وشملت مقترحات حزب الحرية والعدالة، أيضا المطالبة بتبنّي نظام ديمقراطي "يضمن استقرار دائم للبلاد، ويتمتع في ظله المواطن بكامل حقوقه المدنية والسياسية ويمارس مواطنيته بأبعادها الثلاثة الحقوق والواجبات وتحمّل مسؤولياته"، فضلا عن تكريس استقلالية القضاء "بشكل يترجم عمليا في إبعاد أي نفوذ أو تأثير على المجلس الأعلى للقضاء والمجلس الدستوري، مع انتخاب رئيسي هذين المجلسين بشكل حر، وإعداد نظاميهما الداخليين وميزانيتيهما وفقا للقوانين". من جهتها طالبت الجبهة الوطنية الجزائرية، بتبنّي النظام برلماني "الذي يكرس الفصل بين السلطات"، كما رافعت من أجل إنشاء محكمة دستورية، وأوضح رئيسها موسى تواتي، عقب استقباله من قبل السيد أحمد أويحيی، بأنه اقترح تبنّي نظام برلماني ينتخب خلاله رئيس الجمهورية لعهدة مدتها أربعة سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، على أن يجرى انتخابه عبر الاقتراع العام المباشر والسري. وتطالب الجبهة ضمن التفاصيل التي حملها مقترحها هذا بأن "يكلف رئيس الجمهورية، الحزب الفائز بالأغلبية المطلقة أو النسبية بتشكيل حكومة، كما يعين رئيسها من الأغلبية بعد مصادقة البرلمان، ويتولى هذا الأخير تعيين الولاة والوزراء ويوقّع على المراسيم التنفيذية والقرارات". وتقترح نفس التشكيلة السياسية، أن يكون البرلمان مشكلا من غرفة واحدة منتخبة لمدة أربع سنوات عن طريق الاقتراع العام المباشر والسري، مشددة من جانب آخر على ضرورة استحداث محكمة دستورية خلفا للمجلس الدستوري، "ينتخب أعضاؤها من القضاة والإداريين والمحامين". كما شددت الجبهة الوطنية الجزائرية، على ضرورة تكريس استقلالية المحكمة العليا التي تمثل المرجعية القانونية لبقية المؤسسات القضائية، وانتخاب رئيس هذه المحكمة من قبل القضاة. وإذ دعت في سياق متصل إلى تكريس مختلف أنواع الحريات، اقترح رئيسها موسى تواتي، إنشاء مؤسسات استشارية على غرار "مجلس إسلامي أعلى للفتوى"، و«مجلس أعلى لترقية اللغتين الوطنيتين العربية والأمازيغية" و«مجلس أعلى لترقية حقوق الإنسان" و«مجلس أعلى للشباب"، و«مجلس أعلى للإعلام"، على أن تقدم سنويا تقارير عملها لرئيس الحكومة ويتم نشرها للرأي العام. واستقبل وزير الدولة مدير الديون برئاسة الجمهورية أحمد أويحيى، خلال اليوم الخامس من المشاورات حول تعديل الدستور أيضا، رئيس المجموعة البرلمانية للثلث الرئاسي بمجلس الأمة محمد بوخالفة، الذي عرض بالمناسبة أبرز مقترحات المجموعة التي تضمنت على وجه الخصوص المطالبة بتبنّي النظام شبه الرئاسي، وتوسيع صلاحيات البرلمان في مجال التشريع والرقابة. وأوضح محمد بوخالفة، في تصريحه عقب اللقاء بأنه اقترح نظام شبه رئاسي ينتخب فيه رئيس الجمهورية، لعهدتين رئاسيتين وطالب بتوسيع صلاحيات غرفتي البرلمان والفصل بين السلطات، وتكريس استقلال القضاء وتفعيل مؤسسات الدولة من أجل مكافحة المال الفاسد. داعيا بالمناسبة إلى "إبعاد كل ما هو استغلال للثوابت الوطنية والأحاسيس الدينية في العمل السياسي". كما التقى السيد أويحيى، بمناسبة اليوم الخامس من المشاورات حول مشروع التعديل الدستوري بالمجاهدة زهرة ظريف بيطاط، عضو بمجلس الأمة، بصفتها شخصية وطنية، غير أن هذه الأخيرة لم تدل عقب اللقاء الذي دام أكثر من ساعتين، بأي تصريح للصحافة، في حين كشف بيان لرئاسة الجمهورية بأنه علاوة على اللقاءات التي تناقلتها الصحافة يوميا، فإن السيد أويحيى، أجرى محادثات أيضا مع السيد رضا مالك، عضو سابق بالمجلس الأعلى للدولة ورئيس حكومة أسبق، وكذا مع السيد الأخضر الإبراهيمي، الوزير الأسبق للشؤون الخارجية، ليصل بذلك عدد المقابلات التي أجراها وزير الدولة مدير الديوان برئاسة الجمهورية، المكلف بإدارة المشاورات الخاصة بإثراء مسودة تعديل الدستور، إلى 22 مقابلة مع الشخصيات الوطنية والأحزاب السياسية والجمعيات وذلك خلال الفترة الممتدة من الفاتح إلى الخامس جوان الجاري. وحسب آخر بيان لرئاسة الجمهورية نقلته وكالة الأنباء، فإن التشاور حول مشروع مراجعة الدستور سيتواصل خلال الأسبوع الثاني من هذا الشهر ليخص 26 شريكا آخر يتمثلون في 06 شخصيات وطنية، 10 أحزاب سياسية، 6 جمعيات و4 أساتذة جامعيين.