طريق الفن عادة ما يكون شاقا، خاصة بالنسبة للفنان النزيه الملتزم صاحب الرسالة، الذي يسعى بواسطة فنه ليكون سفيرا فوق العادة مفوضا للدفاع عن قضايا نبيلة، وإذا أردنا وضع مقارنة حول الفن بين الأمس واليوم، نجد أن المعايير قد اختلفت لتختلف بذلك معها النوايا والأهداف ففنان الأمس بحكم نشأته وظروفه جعل من الفن وسيلة لتحرير بلاده ورفع علم وطنه عاليا خفاقا، ونشر فنه وثقافته ولو دون مقابل وكم كانت تتضاعف سعادته ويعلو فخره بنجاح مهمته بتمجيد اسم بلده... لكن الملاحظ أن معظم فناني اليوم، باتوا يرون في الفن المكسب فقط، وهذا ما جعل أكثرهم يتحولون إلى تجار مساومين، محصورين في عالم ضيق خاص بالأعراس والحفلات العائلية التي تجلب لهم المال الكثير، ففي بضع ساعات قد يكسب الفنان ما يكسبه إطار سام بمستوى تعليمي عال في شهور، يكسب المال حقا ليعيش حياة مترفة لكنه يفقد مع الأيام اسمه وشهرته ويضيّع رسالته ليتحول إلى مجرد مؤد فاقدا للجانب الإبداعي وربما حتى الإنساني وهذا هو الأخطر، فتحور وجهته إلى التجارة بدل الفن، وتلهيه حياة البذخ وإذا ما سئل عن سبب غيابه يلقي اللوم على ما يحدث في الساحة من تهميش مبرّرا لجوءه إلى الأعراس والحفلات بالإقصاء ونقص الاعتبار الذي في الواقع هو من ساهم في دعمه بتخليه عن رسالته، عن عطائه وإبداعه ليحصر نفسه في دائرة ضيقة لا تخرج عن نطاق عائلة ثرية يسليها لساعات مقابل مبلغ مغر قد يؤمّن له الغنى والحياة السهلة لكن لا يعيده إلى سالف عصره كما كان، فنان صاحب مبدأ ورسالة أي فنانا حقيقيا لا يشترى بالمال...