أكّد الروائي الجزائري الطاهر وطّار أنّ الوطن العربي يعيش حالة انسداد سياسي دفعت الشعوب للعيش في قبر بلّوري لا هي ميتة ولا هي حية، تتخبّط في أحلام لن تتحقّق· وطّار الذي استضاف نفسه في فضاء الجمعية الثقافية "الجاحظية" أوّل أمس ليقرأ قصّته "الضجر" التي وصفها بالسريالية، أكّد أنّ العربي لم يعد يتطلّع إلى أيّ تغير على المستوى السياسي بعد أن رفض من يسيطر على السلطة التسليم بمرور الوقت والتغيرات التي تعتري حتى أجسادهم· أمّا عن قصّته التي نشرها في الأسبوعية المصرية "أخبار الأدب" وجريدة "القدس العربي"، فأشار صاحب "الحوّات والقصر" و"الشمعة والدهاليز" إلى أنّها خواطر صادفته في الثالثة بعد منتصف الليل عندما أرقه الضجر وضاقت به المساعي وارتفع ضغطه ليبلغ ثمانية عشرة درجة، ولم ينقذه من هذه الحالة إلاّ الجلوس إلى جهازه والشروع في كتابة "الضجر" التي غاص من خلالها في أغوار النفس العميقة ليصوّر حالة الفراغ والملل التي يعاني منها السواد الأعظم والوضع الروتيني الذي صنعته السلطة، إلى جانب الحلقة المفرغة التي يتخبط فيها الفرد العربي دون تغيّر ليكون بذلك "حيا ميتا" يتأمّل دنو المنية من أجل الخلاص، ليستجاب دعاؤه ويوضع في قبر بلوري ريثما يحين الأجل، قبر يرى من حوله عالمه دون أن يستطيع المشاركة فيه، وقبل أن يهنأ بحاله تعاوده الأسئلة فيحاول الفرار من هذا العالم الوهمي الذي حجز فيه لكنه لا يستطيع· القصة على قصرها تحوي رمزية كبيرة تعود إلى الواقع السياسي في الوطن العربي وإلى وضعية الفرد عامة والمثقف خاصة داخل هذا الوطن، وفي هذا الإطار أكّد الروائي أنّه تعمّد إرسال نص القصة فور الانتهاء منها إلى مصر دعما للمناضلين الذين يسعون للتغيير، مشيرا إلى أنّ الجزائر لم تصل بعد لهذه الحالة· وفي السياق نفسه، أوضح صاحب "اللاز" أنّها ليست المرة الأولى التي تعتريه مثل هذه الحالة بل عاش نفس الوضع في فترة السبعينات وبالضبط في 1974 فكتب رواية "الحوّات والقصر" التي تناولت هي الأخرى في رمزية كبيرة الوضع السياسي آنذاك في الجزائر وصوّرت من يسيطر على الحكم بمجموعة من اللصوص والمرتزقة . *