بعد مرور 35 عاماً على طبعته الأولى، صدرت الطبعة الثانية من كتاب «القضية العربية في الشعر الكويتي» للدكتور خليفة الوقيان. يتضمن الكتاب في نسخته الجديدة المعدّلة والمنقّحة أربعة فصول، يبدأ الأول منها بتمهيد تاريخي يعرض للمرحلة التي شهدت بدء شعراء الفصحى في الكويت، ولا يعتمد هذا التمهيد على الاجتهادات السابقة، بل يحاول أن يدلي بتصور جديد مخالف في بعض جوانبه لتلك الاجتهادات. أما الفصل الثاني فيتناول بواعث الوعي الوطني والقومي المبكر، الذي بدأت بوادره في الظهور مطلع القرن العشرين، وكان أحد آثاره إقامة مجلس الشورى في عام 1921، والمجلس التشريعي في عام 1938.
ويصوِّر الفصل الثالث اتساع أفق التفاعل مع الأحداث القومية في مرحلة مبكرة من خلال عرض نماذج شعرية تهدف إلى التنبيه لظاهرة اهتمام شعراء الكويت بقضايا الوطن العربي في مرحلة التحرر الوطني وما تلاها، ومن ذلك تمجيد ثورة الريف في المغرب، نضال الجزائر ضد الاستعمار الفرنسي، وجهاد ليبيا بمواجهة الاستعمار الإيطالي. فضلاً عن الإشادة بنضال أقطار المشرق العربي ضد الاستعمار والأنظمة المستبدة، والدعوة من ثم إلى الوحدة العربية.
في مقدمة الكتاب، يقول الدكتور خليفة الوقيان: «كانت هذه الرسالة مقدمة لنيل درجة الماجستير، بدأت في إعدادها منذ نهاية العام 1970، وأجيزت من جامعة الكويت في العام 1974، ولم تكن مصادر البحث، وبخاصة المجموعات الشعرية لمعظم الشعراء الكويتيين قد صدرت خلال تلك الحقبة الزمنية. لذلك كان لا بد من البحث عن النصوص الشعرية في المجلات والجرائد والمخطوطات والمظان الأخرى، فضلاً عن الاتصال بالشعراء، أو بذويهم - إن كانوا ممن غادروا الحياة - للحصول على المادة المطلوبة».
كما يشير المؤلف إلى تسرب الفساد إلى الحياة الثقافية والأكاديمية، بصورة عامة، إذ لم يعد كثير من الباحثين والمشتغلين في الشأن الثقافي يتورعون عن النقل والتحريف، وادعاء ما ليس لهم، دون مراعاة للأمانة، أو اعتبار لشروط البحث العلمي، وأذكر في هذا الصدد أن بعض الباحثين والكتاب قاموا بنقل كثير من نصوص الشعر القومي التي بذلت جهداً في استخراجها من مظانها، دون أن يشيروا إلى المصدر الذي نقلوا عنه.
وتضمن الكتاب نماذج شعرية لشعراء كثر، من البدايات حتى العصر الحالي، محللاً كيفية تعاطي شعر الفصحى في الكويت مع القضايا السياسية الوطنية والقومية، من قصائد الشاعر صقر الشبيب الذي يستغرب من انغماس أجهزة الأعلام في إذاعة اللهو في وقت تكابد الجزائر فيه صنوف العذاب، ويقول: ما للإذاعات بين العرب دائبة/ تبثُ ملء الشروق اللهو والطربا/ كأنها حسبتْ أهل الجزائر في/ ما يقتضي طول بثّ اللهو الدَّأبا.