اختتمت عشية أول أمس نظمت بدار الثقافة مولود معمري بتيزي وزو و بالتنسيق مع المسرح الجهوي “كاتب ياسين” التظاهرة الثقافية الخاصة بتكريم الشاعر المسرحي الراحل ”موحيا” الذي كتب اسمه بأحرف من ذهب في المسرح الجزائري الناطق الأمازيغية، وذلك بمناسبة الذكرى الثامنة لوفاته. و كان اليوم الأول قد شهد تنظيم معرض ببهو دار الثقافة مولود معمري، عرض فيه مؤلفات وصور موحيا، والمقالات الصحفية التي تطرقت إلى أعماله الشعرية والمسرحية، وعرض مقاطع من شعره المسجل، كما تم عرض مسرحية “تشبيليث” والتي قدمتها الجمعية “اختان اقاوج” وذلك في حدود الثانية مساء، وبرمج في نفس اليوم ندوة تطرق فيها المشاركون إلى الأعمال المسرحية لموحيا حيث قدم كل من أصدقائه “سليماني شابي” وسليماني طاهر شهادات حية عنه ، كما نشط عمر فطموش، مدير المسرح الجهوي ببجاية، محاضرة حول حياة وأعمال الراحل موحيا، كما تم برمجة زيارة ميدانية إلى منطقة موحيا وهي قرية “آث أرباح” ببلدية إبودرار لوضع إكليل من الزهور على ضريحه والترحم على روحه. و برز موحيا كأحد المثقفين الذين خدموا اللغة الأمازيغية بالقلم والفكر، في إطار الجهود الجماعية أثناء استقراره بفرنسا، كمجموعة الدراسات البربرية في جامعة فانسان الثامنة، التي أصدرت نشرية “ثيسوراف”، ثم انشأ سنة 1983، فرقة مسرحية سمّاها “أسالو”،هذا وقد أدرك موحيا أن بعث الأمازيغية من سباتها لا يمكن أن يتأتى إلا بتنويع أساليب العمل، فكتب الشعر، والمسرحية، وجمع الحكايات القديمة، وترجم بعض فرائد الأدب العالمي إلى اللسان الأمازيغي، بل شمّر عن سواعده، وشرع في إثراء رصيد الأمازيغية المعرفي بالإبداع، حيث اهتم بترجمة فرائد الأدب العالمي إلى اللغة الأمازيغية، وقد أضفى على الأعمال المترجمة، روح الأمازيغية، بفضل نفاذه إلى جوهر المعاني المترجمة، حتى صارت تبدو كأنها نصوص أصلية أمازيغية، وشملت جهوده في الترجمة، الفلسفة اليونانية، والشعر، والمسرحيات لمبدعين عالميين. ومن جهة أخرى ساهم المبدع موحيا في ترقية الأغنية القبائلية الملتزمة، من خلال تقديمه عدة نصوص شعرية، أداها فنانون مشهورون أمثال تاكفاريناس ومليكه دومران وايدير وسليمان شابي والكثير من الأعمال الرائعة الأخرى التي يتوجب على مسؤولي الثقافة القيام برعايتها، وإخراجها من الظل إلى النور، وذلك بإعادة طبعها ونشرها، وتمكين الجمهور العريض منها. يشار إلى أن الراحل موحيا عبد الله، المدعو “محند اُويحيى” إلى قرية آث أربَاح ببلدية إبُوذرارَنْ، ولد يوم أول نوفمبر 1950 في عزازقة، حيث استقرت عائلته بحكم اشتغال والده خياطا هناك، ثم رحل إلى مدينة تيزي وزو، فدرس في ثانوية عميروش، وبعد حصوله على شهادة البكالوريا سنة 1968م، انتقل إلى جامعة الجزائر، فتحصل هناك على شهادة الليسانس (رياضيات) سنة 1972، وفي هذه السنة أيضا اضطر إلى الهجرة نحو فرنسا مرغما، وهناك اجتهد بهدوء وروية، بعيدا عن الأضواء والسياسة، بمعية أصدقائه، حتى نجح في إثراء الأدب الأمازيغي، بالإبداع والترجمة. وكانت الفترة التي قضاها في العاصمة الجزائرية ثرية وحاسمة، إذ تعرف على الراحل مولود معمري، ونهل من دروسه الخاصة بالامازيغية، وكانت بداية شهرته ذات يوم، حين ألقى قصيدة بعنوان أيَنْ أبْغِيغْ (ما أصبو إليه)، تمحورت حول الهم الثقافي الأمازيغي، ألقاها أثناء رحلة ترفيهية إلى منتجع ثالة ڤِيلفْ بجبال جرجرة، بحضور مولود معمري الذي أبدى إعجابه بالقصيدة، وقد تلقفتها الفرقة الغنائية إمازيغن إمولا ، فكانت بمثابة الانطلاقة لمساره الثقافي الداعم للأدب الأمازيغي في العصر الحديث.