مازالت البنايات القديمة بمدينة باتنة بوسط المدينة آهلة بالسكان رغم أن المعايير التقنية تؤهلها للانهيار في أي وقت لتكون بذلك خطرا حقيقيا على ساكنيها الذين تقدموا في عديد المرات بشكاوى في هذا الشأن إلى المصالح المعنية من أجل ترحيلها إلى سكنات لائقة ، علما أن هذه السكنات التي تعود إلى الحقبة الاستعمارية كثيرا ما تلحقها أضرار بالغة بسبب التقلبات الجوية و الأمطار الطوفانية مثلما حدث مع خمسة عائلات على الأقل منذ أربع سنوات تعرضت سكناتهم لتصدعات بالغة في الأسقف و الجدران إثر هطول أمطار غزيرة ما جعل مصالح الحماية المدنية تتدخل لإنقاذ المواطنين و تصنفهم كعائلات منكوبة ، و قد أكد الكثير من قاطني هذه السكنات أن مخاوفهم تزيد مع حلول فصل الشتاء من كل عام و هم يرون أن الشقوق التي في الجدران و الأسقف تزيد مع مرور الوقت ، و في هذا السياق تدخلت مصالح الحماية المدنية خلال اليومين الماضيين لإجلاء عائلة من مسكنها بشارع الإخوة بوعبسة بوسط المدينة تفاديا لإنهيار المسكن الذي تقطنه والذي يعود بناؤه للحقبة الاستعمارية وبحسب مواطنين يقطنون بذات الحي فإن خطر التشققات ظهرت على جدران المسكن عقب أشغال حفر وبناء في الطابق الأرضي للمسكن وهو ما أثر على بنيته التحتية، ومن حسن الحظ أن عناصر الحماية المدنية سارعت لعين المكان قبل انهيار المسكن حيث قامت بتطبيق إجراءات السلامة لحماية المواطنين سواء القاطنين بالمنزل أوالمارة خصوصا وأن هذا البناية تقع في مكان يعج بالراجلين ، فيما لا تزال الكثير من العائلات تقطن في هذه البنايات " الكولونيالية " ، و منهم من ترفض إخلائها لارتباطها بأحداث ثورية و تاريخية ، و لأن هذه المساكن تعد تحفا معمارية حقيقية و واجهة تاريخية لباتنة القديمة فإن جمعيات مهتمة بالتراث الثقافي نادت المديرية المعنية لترميمها و إعطائها الصبغة اللائقة بها ، بعد أن قام مواطنون من الملاك الأصليين لهذه المساكن ببيعها لآخرين قاموا بتهديمها و إنشاء محلات و مراكز تجارية نظرا للموقع التجاري المتميز في وسط مدينة باتنة ، و كان مهندسون مهتمون بالتاريخ المعماري للمدينة قد عارضوا بشدة منذ أيام تهديم فندق الشرق الواقع بطريق قسنطينة بعد أن تدوالت أحاديث عن عزم السلطات المحلية تهديمه للاستفادة من وعائه العقاري ، و يعد الفندق من أقدم الفنادق في الجزائر و تؤكد مصادر تاريخية أنه قد نزل فيه مشاهير عالميون و فنانون و أدباء ، و قد عمد معارضو تهديمه إلى جمع التوقيعات و تبليغها إلى السلطات الولائية و هم لا يزالون ينادون بالحفاظ على هذا التراث و بتخصيص ميزانية لعمليات ترميم البنايات القديمة في مدينة باتنة و حتى ببعض الدوائر و البلديات الكبيرة مثل مروانة و آريس و وادي الماء ، و هم يرون أن ملاك هذه المساكن سيبيعونها مع مرور الوقت لمن يزيحها نهائيا لأغراض تجارية مثلما حدث للعديد من المنازل خصوصا و أن أسعار العقار بوسط مدينة باتنة بلغت مستويات قياسية