دعا وزير العدل حافظ الأختام محمد شرفي أمس الأول الخميس بالجزائر العاصمة القضاة "إلى التفكير الضروري حول وضع العدالة في حد ذاتها وحول القواعد التي ترتكز عليها لتتلاءم مع المهام الدستورية الرامية إلى حماية المجتمع". وقال محمد شرفي في كلمة له خلال اجتماع عقده مع رؤساء الجهات القضائية والمحاكم الإدارية أن "هذه المهمة الدستورية بالتحديد التي لابد أن تبقى دائما المرجع للإدارة المركزية التي ينبغي أن تعمل على جمع الوسائل الممكنة البشرية والمادية والتنظيمية الضرورية لتحقيق هذه المهمة" . غير أن هذه المهمة"- كما أضاف- "لابد أن تبقى دوما المحفز والمنبه للضمير القضائي لتحقيق العدالة حسب إرادة الشعب الذي تصدر باسمه" والتي تمثل أيضا الغاية من التنظيم القضائي القائم. وأوضح "أن المقتضى الدستوري يتطلب التزاما معنويا بدون نقص وكفاءة تلامس الكمال حتى نعطي كما قال الشرعية للثقة التي يضعها المتقاضي في عدالته بتكليفها مسؤولية اتخاذ تقرير حقوقه وحريته وفي بعض الأحيان حياته". وقال أن "نظامنا القضائي فتي و أول إصلاح منحه خاصيته الوطنية لا يزيد عمره عن 46 سنة ولكن تحمل للتاريخ ارث العباقرة الوطنية التي سمحت للمواطن الجزائري أن يحصل العدالة على الرغم من أن القضاة المؤهلين آنذاك يعدون على الأصابع "منهم—كما أضاف—من كان يشكل في عدة جهات قضائية ويصدرون أحكامهم متنقلين من مكان الآخر ضمانا للعدالة حتى في الأرياف ". وبخصوص إصلاح العدالة فقد اعتبر الوزير أن هذا الإصلاح المقرر من طرف رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة والذي يرعاه شخصيا ما يجعل الدولة الجزائرية تطمح للحصول على نظام قضائي ذي مصداقية حسب المعايير الدولية والذي من شانه—كما قال—استقطاب ثقة المواطنين ودعم الجاذبية للوطن بالضمان للشركاء الأجانب الأمن القانوني المطلوب كباقي الشروط التقليدية المحفزة على الاستثمار الأجنبي. وقال أنه إذا كانت هذه الثقة ترتكز على نوعية الأحكام فإنها تتغذى أيضا من "نوعية الخدمة العمومية القضائية" مضيفا بأن ذلك يعني أن "العدالة تصدر في رصانة" مشترطا "استبعاد كل المصادر التي من شأنها خلق نزاعات داخلية أو خارجية تحيد بالقضاء على أداء مهمته الدستورية".
وأقر الوزير بأن هناك "مصالح تجد في النزاعات داخل الجهاز نفسه والمصونة اصطناعيا الحاجز الذي يحول الانتباه عن نقائصهم أو لمنع السلطة القضائية من تأكيد نفسها على أنها جديرة بمهمتها لحماية المجتمع". وقال أنه أمام هذه المسؤولية العظيمة التي تقع على عاتق القاضي فمن واجبه البحث "عن الغاية الاجتماعية للقانون الذي يطبقه ويحققها ". وطرح الوزير عدة تساؤلات حول الموضوع قائلا "هل من المتصور أن يخوض القاضي بدلا من البحث عن صحيح القانون في مناقشات صورية تنكر على المتقاضين مصالحهم وهل هذا من صميم مهمة حماية المجتمع". وتساءل أيضا عن "صميم المهمة الدستورية للقاضي حينما يلتحق القضاة الشباب بالجهات القضائية ولا يجدون من يتكفل بهم من الأقدمين من رؤسائهم في تحصيل الروح الدستورية التي لا مناص من تحصيلها إلا بالممارسة" مذكرا أن مهمة القاضي لا تقتصر فقط على"النطق بالأحكام القضائية". وفي الأخير اعتبر الوزير أن هذه التساؤلات مستوحاة "من واقع جهاتنا القضائية" كما أضاف أنه يمكن أن تتضاعف إلى "ما لا نهاية" و أن التطرق إليها بهذه الكيفية هو دعوة "لمواجهة النقاشات الحقيقية" التي من شأنها الدفع بالأشياء وإعطائها المقام اللازم حتى يكون الرجال والنساء الذين تولوا عبء الحكم على الآخرين "أكفاء".