عرى الحوار الذي أجرته صحيفة "نيويورك تايمز" أول أمس، مع أمير ما يعرف بتنظيم الجماعة السلفية للدعوة والقتال عبد المالك دروكدال المكنى بأبي مصعب عبد الودود، هذا الاخير وجردته من انتمائه للإسلام، كما عرى الحوار ايضا الصحيفة الامريكية التي تحولت الى بوق للإرهاب وسقطت في فخ الترويج للارهابيين. فالنظر الى الأسئلة والأجوبة التي تم نشرها وتداولها على شبكة الانترنت يبرز ان الصحيفة كانت تبحث عن دليل قاطع على أن مصالح الولاياتالمتحدةالأمريكية مهددة، وأن ما يعتقد انه فرع لتنظيم "القاعدة" في الجزائر وفي المنطقة المغاربية ككل لديه القدرة على ضرب المصالح الامريكية ليس في الجزائر فحسب ولكنه بإمكانه ان ينقل عملياته فوق الاراضي الامريكية، ومثل هذا الجواب في غنى عن اي تعليق، فحسب المختصين فإن دروكدال لو باستطاعته ان يؤذي الجزائريين لفعل ولن يتوان في فعل ذلك، وانه لو كان بإمكانه ان يضرب المصالح الامريكية والاجنبية لفعل ايضا، ولكن التضييق الممارس ضد عناصر الجماعة وسقوط رؤوسها الواحد تلو الاخر منذ اكثر من سنة جعل التنظيم يفقد قواه الى درجة ان العمليات التي يتم التخطيط لها، بما في ذلك التفجيرات الانتحارية، تمكنت مصالح الامن من التكيف معها وأصبحت تتدخل في الوقت المناسب لإفشالها، وكان اخرها العملية التي استهدفت ثكنة الحرس الجمهوري ببرج الكيفان بالضاحية الشرقية للعاصمة واسفرت عن مقتل الانتحاري فقط. والغريب في امر صحيفة "نيويورك تايمز" المقربة من دوائر الاستخبارات الامريكية انها لم تكتف بنشر ذلك الحوار الذي يبدو ان هدفه يدخل في سياق المساعي الرامية لإقامة قاعدة عسكرية في افريقية، بل اتبعته في عددها لنهار امس بمقال اخر اشار الى "تحول الجزائر الى ملاذ امن للقاعدة" واعتبرت الوضع في الجزائر نفسه الذي تعرفه الصومال وباكستان اللتان تعيشان في الوقت الراهن حربا اهلية بالنسبة للاولى وازمة عويصة بالنسبة للثانية. وهنا تتأكد نوايا "نيويورك تايمز" حيث انه وبعد ساعات من نشر حوار دروكدال وضعت الجزائر في قائمة الدول التي "تنتعش فيها عناصر تنظيم القاعدة" وكأننا في "تورا بورا" او في منطقة القبائل الباكستانية المتاخمة لأفغانستان. ويؤكد نشر الصحيفة لمثل هذ المقال ان كل شيء كان محضرا له مسبقا؛ أي ان هذا المقال تم اعداده قبل اجراء الحوار وكان ينقص فقط الحصول عليه كي يتم نشره، وبهذا زعمت "نيويورك تايمز" في مقالها لنهار امس ان "تنظيم القاعدة بدأ يستجمع قواه وينشئ مراكز للتدريب وتخطيط العمليات والتجنيد في ثلاث دول هي باكستان والصومال والجزائر كملاذات آمنة بديلة بعد طرده في أفغانستان وهزيمته في العراق" وهنا يطرح سؤال وببنط عريض عن الوضع الحقيقي في افغانستان والعراق، وهل لا يدخل هذا التقييم في اطار التضليل الاعلامي؛ كون الجميع يعرف الوضع الحقيقي في هاتين الدولتين. ونقلت الصحيفة عن مصادر استخبارات غربية أن "التنظيم يعمل بجدية في الجزائر لتجنيد عناصر جديدة، وإن طموحات قادته هي ضرب أهداف غربية" ويبدو من هذه الجملة انه تم نقلها من حوار دروكدال الذي اشار الى "وجود عناصر ارهابية كثيرة في صفوف التنظيم، وانها على استعداد لضرب مصالح جزائرية وغربية". وذهبت الصحيفة إلى الإشارة إلى أن من سمتهم "الجماعة القومية الإرهابية" في الجزائر تحولت إلى منظمة تشكل تهديدا يتخطى حدود الدولة، وأن المسؤولين الأمريكيين يقدرون عدد أفرادها ما بين ثلاثمائة وأربعمائة عنصر منتشرين في الجبال شرقي الجزائر إلى جانب مائتين آخرين موزعين في مناطق أخرى من البلاد. والمتمعن لمزاعم الصحيفة يتأكد انها تحاول ان تجعل من دروكدال اسامة بن لادن المنطقة المغاربية، ومن ثَم ايجاد فجوة للدخول اليها عبر بوابة محاربة ما يسمى بالارهاب. اما بالنسبة لعبد المالك دروكدال، فإن تصريحاته للصحيفة لم تحمل الشيء الجديد، بل اكدت مرة اخرى دمويته، فقد اشار الى ان 95 بالمئة من الذين سقطوا في التفجير الذي استهدف مقر الاممالمتحدة في ديسمبر 2007 ليسوا مدنيين بل رجال امن، ولكن ما يتناساه ان الذين سقطوا في كل العمليات الارهابية بما في ذلك تلك التي استهدفت مقر الاممالمتحدة هم من الاحياء الشعبية لباب الواد وباش جراح وبلكور. وكان رد المواطنين حول هذا الحوار في المستوى عندما سارعوا الى التنديد بتلك التصريحات ووصوفه ب "مسيلمة الكذاب" الذي ادعى النبوة. فزعيم الجماعة السلفية للدعوة والقتال، لما ضاقت به السبل وجد في اطار تقاسم الادوار صحيفة نيويورك تايمز لتمرير دعايته الاعلامية لعله يوقف بعض الوقت النزيف الذي يصيب التنظيم يوما بعد يوم.