حققت المخرجة التونيسية دليلة مفتاحي التحدي الذي أعلنته قبل عرض مسرحيتها''شهرزاد لالة النساء '' والمتمثل في تقديم الفرجة والإبهار لعشاق أبي الفنون عند العرض الأول لمسرحيتها سهرة يوم الثلاثاء الماضي بالمسرح الوطني محي الدين بشطارزي بمناسبة إحياء اليوم العالمي للمرأة. ڤشهرزاد لالة النساء'' هي باكورة العمل الفني المشترك بين الجزائر وتونس، حيث طوعت مخرجته الممثلة التونيسية دليلة مفتاحي لعرضها كل أدوات الفرجة المسرحية التقليدية منها: كتحرك الممثلين (التونيسية هدى بن كاملة والجزائري حليم زريبع ) بفضاء المسرح جسدا وصوتا، من خلال الديكور (خمس أعمدة كرمزا للقصر أو لأركان الإسلام الخمس ومن الناحية الاخرى كرسي العرش) الذي كان غاية في البساطة والتواضع مع توظيف الظل الصيني على شكل نصف عمود. أو أدوات الفرجة الحديثة والتي أصبحت في الوقت الحالي من ضروريات المسرح الحديث فنجد أن المخرجة اعتمدت من بداية العرض الى نهايته على مدار الساعة والنصف ÷ التي كانت كثيرة- على الإبهار بالصوت والصورة من خلال استخدام: عرض الفيديو، الليزر الإضاءة ) من إمضاء حاتم لحشيشية)الأصوات البشرية والأشباح (روبحي فيسة منيرة، سعاد سبكي، دليلة مفتاحي) والموسيقية، من تصميم أمير لعيوني. الأكيد أن الجانب السينوغرافي الذي أشرفت عليه منيرة زكراوي جسد إلى حد بعيد فكرة دليلة مفتاحي التي قام بتاليفها الدكتور ابراهيم بن عمار من خلال لغة ثالثة جمعت بين المحكي التونيسي والجزائري والتي حاولت من خلال هذا العرض إقناع الجماهير الغقيرة التي حضرت أن: ڤشهرزاد ''شهرزاد للاة النساء'' ليست شهرزاد التي صورها المخيال العربي بل هي صورة للمرأة الرمز المرأة، المناضلة، العاملة، الحاضنة، الحاكمة، المرأة التي تقف جنب الرجل لا خلفه....فكل إمرة يمكن أن تكون شهرزاد.... جاءت محملة بحكايات وقصص مستفزة لغرور شهريار المنهزم والمنكسر...عاد للقاء شهرزاد لا يعرفها ولم يلتق بها من قبل ...فهل سيقبلها كما هي أم يرفضها ويبحث عن صورة ترضي كبرياءه، وهل يمكن لشهرزاد اليوم أن تلغي هذه الصورة التي نسجها شهريار'' هذا ماكتبته المخرجة دليلة مفتاحي على البطاقة الفنية لمسرحيتها. كان بامكان اختزال المشاهد الخمس التي تخللت سرد حيثيات ''شهرزاد للاة النساء '' الى اقل من ذلك وعوض الساعة والنصف كان ربما الاجدى ان يتم العرض في ساعة فقط من دون ان يفقد الابهار والفرجة. استعرضت المخرجة بتفوق عضلاتها في الجانب التقني لكنها بالمقابل اعتمدت كثيرا على الأسلوب الخطابي المباشر في أداء الممثلين رغم ان الممثلة هدى بن كاملة تمكنت برغم قامتها القصيرة وصوتها الرقيق جدا من استعراض موهبتها التمثيلية التي لا يعلى عليها وكذا الرقص والتحرك بخفة مذهلة على خشبة المسرح، الأكيد أن المخرجة اشارت وبلفتة فنية ذكية وراقية أن المرأة هي المرأة مهما كان وصفها تحلم دوما ان تكون بجنب الرجل لا خلفه . أما حليم الزريبع العملاق كان كجلود صخر بفضاء المسرح بجسده العملاق وصوته الجوهري وهذه المعادلة الصعبة بين البطلين حققت في مخيلة المتتبع نتيجة مفادها أن العاشقين المتناقضين وحدة روحية ولا يمكن لطرف أن يستغني عن الآخر، وهذا الذي ربما تقصدته مخرجة العرض ولتؤكد ماقالته في كلمتها بالورقة التقنية للمسرحية. من ناحية أخرى يجب ان نشير أننا أكتشفنا ولاول مرة وعكس كل مرة حليم زريبع وهو يقدم دورا يمازج بين الجد والهزل مستعملا لغة غير اللغة الفصحى كاشفا عن بعض الكثير من خفة دمه على الخشبة ربما يحاول من خلال هذا الدور اسقاط نفسه من خانة الأدوار التي اعتدنا أن نراه فيها وحتى يؤكد لمخرجي الفن الرابع والسابع قدراته التمثيلية المنعددة والمتنوعة وقد اثبت ذلك طيلة عرض المسرحية وبخاصة خلال المشهد الهزلي الملاكمة الذي كان بين العاشقان المنفصلان. لتتمكن في الأخير والديك يصيح شهرزاد القرن الواحد والعشرين من إسكات شهريار العصر الحديث عن ظلمه المباح نحوها بعد أن احيت نصفه الميت وان ينشره للريح ، بعد أن عجز عن استرداد أرضه وعرضه المداس عبر التاريخ وهي تقص له من حكايا واقعه وواقعها المؤلم. المسرحية لازالت تعرض بالمسرح الوطني طيلة هذا الأسبوع كل يوم على الساعة السابعة مساء عدا الجمعة والسبت على الرابعة.