جددت منظمة العمل العربية، المخاوف إزاء ما قالت إنها تداعيات محتملة من مواصلة الجزائر ودول عربية في توظيف العمالة الأجنبية في المشاريع الكبرى، معتمدة على أرقام قدمها وزير العمل والضمان الاجتماعي، الطيب لوح، التي تتحدث عن إحالة مئات الملف على العدالة. ذكر مصدر نقابي جزائري ل ''المستقبل'' أن المنظمة العربية للعمل عبرت في نقاشات داخلية عن عدم ارتياحها لما باتت تطرحه اليد العاملة الأجنبية من مخاوف، وذلك ضمن تقرير بشأن واقع عالم الشغل في العديد من الدول العربية، وضمت المنظمة لأرقامها في التقرير تلك الإحصاءات التي أعلنت من طرف وزارة العمل، والتي تقول إن مصالح الرقابة ممثلة في مفتشيات العمل قد أحالت خلال العام مئات الملفات لعمال أجانب بالجزائر على العدالة، ما دفع لتسريع الوتيرة في إطار قانون عمل جديد يضم ''إجراءات تشدد على المستخدمين في مجال استقدام أيد عاملة أجنبية على حساب الوطنية''، وكان أفاد وزير العمل الطيب لوح أن الوزارة قد سجلت من خلال تقارير مفتشيات العمل بالنسبة لنشاطها خلال العام، أكثر من 21 ألف ملف، تخص عمال يشتغلون بصفة غير قانونية، وأعلن أن جهاز العدالة قد استقبل ''هذا الكم الهائل من الملفات للنظر فيها لأنها تخطت حدود المخالفة التي تتطلب إنذارا أو مخالفات جزائية لا تستلزم تدخل القضاء''. وتؤكد المنظمة وجود 35 ألف عامل أجنبي في الجزائر، وأن السلطات المختصة سجلت مخالفات عديدة بشأن تواجدهم بالجزائر، فيما حرر مفتشو العمل أكثر من 900 محضر علني في حق عمال أجانب تحت طائل عدم حيازة رخصة العمل. ودعت الحكومات العربية، ومنها الجزائر، اتخاذ ما تراه مناسبا لدحض الخطر الناجم عن التوظيف العشوائي وغير المدروس لليد العاملة الأجنبية، وإذا كان هذا الخطر يشكل تحديا بالغا للحكومات العربية فإن حجم التحدي بالنسبة للجزائر يكون أكبر بالنظر إلى التواجد الكثيف للعمالة الأجنبية، في المشاريع الكبرى، عبر العديد من الولايات، فيما سجل الحضور الصيني النسبة الأكبر بكثير في الجزائر مقارنة مع الجنسيات الأخرى. وسبق أن اعترف الطيب لوح، بشكل ضمني، بالضرر الذي باتت تسببه اليد العاملة الأجنبية بشكل يمنع عن اليد العاملة المحلية إيجاد فرص شغل ''القانون المنتظر سيمنع المستخدمين من جلب أيادي عاملة أجنبية كما يحلو لهم، على حساب الأيادي الوطنية''، وقال عن الملف بأنه ''جد مهم ونعمل على معالجته بشكل معمق، ومفتشية العمل تقلت تكليفا بالسهر على تطبيق التوجيهات''، ومن بين الأرقام التي كشف عنها مسؤول قطاع الشغل، بالنسبة لملف الأيادي العاملة الأجنبية، ''إحصاء 896 مؤسسة مستخدمة أضرت بالقانون مما نتج عنه تبيان ال 905 عامل أجنبي يعملون خارج أطر القانون''. وسبق لأحمد محمد لقمان، الأمين العام لمنظمة العربية للعمل، أن حذر الدول العربية، من تبعات انعكاسات اليد العاملة الأجنبية على العمالة المحلية التي سجلت في السنوات الأخيرة ارتفاعا ملحوظا في نسبة البطالة، وقال صراحة إن الانعكاس السلبي لهذا الواقع سيلوح أطنابه حتى على السلم والأمن الوطني والقومي، فيما ذكرت المنظمة أن توظيف العمالة الأجنبية كان في السابق مشاعا في دول الخليج، أما حاليا فقد انتهجت دول عربية مغاربية كالجزائر نفس النهج على الرغم من نسب البطالة المرتفعة في أوساط شبابها. واعتبرت المنظمة التي تدرس تقرير العمالة الأجنبية في الدول العربية أن منح الأولوية للعمالة المحلية، بات ضروريا، لتفادي المساس بالسلم الاجتماعي، بالإضافة إلى تأطير العمالة الوافدة وفقا لتشريعات تضمن عدم التهديد في البلدان العربية، مع إحلال اليد العاملة المحلية بدل الأجنبية تدريجيا، وإخضاع عملها وفقا للتوصيات التي أقرتها المنظمة العربية في اجتماعها بالخرطوم شهر مارس المنصرم، وهو اللقاء الذي أثير فيه مخاوف ''التوطين غير المقنن للعمالة الأجنبية''.