مما لاشك فيه أن يوم الجمعة هو عيد المسلمين، وما كان يوم الجمعة عيدا إلا لامتيازه ببعض الخصائص التي لا توجد في غيره من أيام السنة، وإن كانت بعض الأيام هي أفضل من يوم الجمعة إلا أن يوم الجمعة خُص بمجموعة من الفضائل هي كما يلي:أولا: أنه يوم عيد متكرر: فيحرم صومه منفرداً؛ مخالفة لليهود وليتقوى على الطاعات الخاصة به من صلاة ودعاء ونحوه. قال النبي عليه الصلاة والسلام: (إن يوم الجمعة يوم عيد؛ فلا تجعلوا يوم عيدكم يوم صيامكم، إلا أن تصوموا قبله أو بعده).ثانيا: أنه يوم المزيد يتجلى الله فيه للمؤمنين في الجنة: كما في حديث أنس الطويل وفي آخره: (فليس هم في الجنة بأشوق منهم إلى يوم الجمعة، ليزدادوا نظراً إلى ربهم عز وجل وكرامته ولذلك دعي يوم المزيد).ثالثا: كراهية تخصيص ليلة الجمعة بالقيام: لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تختصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي،....) الحديث، ومما يدل عليه الحديث بطلانُ ما يسمى: (صلاة الرغائب) وهي صلاة على صفة مخصوصة يجعلونها في أول ليلة جمعة من رجب.رابعا: قراءة: (الّم * تَنزِيلُ) [السجدة] و (هَلْ أَتَى عَلَى الإنسَانِ) [الإنسان] في صلاة الفجر يوم الجمعة: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرؤها؛ ولعل ذلك لما اشتملت عليه من ذكر خلق آدم، وأحوال القيامة؛ لأن ذلك كان وسيقع يوم الجمعة، وليس المقصود السجدة التي فيها.خامسا: فضل التبكير إلى الجمعة وغسل الجنابة يومها: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة، ثم راح، فكأنما قرّب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية، فكأنما قرّب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرّب كبشاً، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرّب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرّب بيضة، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر) فجعل التبكير إلى الصلاة مثل التقرب إلى الله بالأموال فيكون المبكر مثل من يجمع بين عبادتين بدنية ومالية كما يحصل يوم الأضحى. والمراد بطي الصحف: طي صحف الفضائل المتعلقة بالمبادرة إلى الجمعة، دون غيرها من سماع الخطبة... ونحوها. والراجح في الساعة الأولى أنها من أول النهار، والله أعلم.سادسا: فيه ساعة الإجابة: قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم، وهو قائم يصلي يسأل الله تعالى شيئاً إلا أعطاه إياه)، وأشار بيده يقللها. وهذه الساعة في قول أكثر السلف هي آخر ساعة بعد العصر، وعلى هذا تدل أكثر الأحاديث، ومنها حديث: (فالتمسوها آخر ساعة بعد العصر). وجاء في حديث آخر عند مسلم أنها: (ما بين أن يجلس الإمام على المنبر إلى أن تقضى الصلاة)، وهذه ساعة أخرى ترجى فيها إجابة الدعاء.سابعا: إكثار الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة: لحديث النبي عليه الصلاة والسلام: (من أفضل أيامكم يوم الجمعة فيه خلق آدم، وفيه قبض، وفيه النفخة، وفيه الصعقة، فأكثروا عليّ من الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة عليّ) فقالوا: يا رسول الله؛ كيف تعرض عليك صلاتنا، وقد أَرِمْت؟ يعني: قد بليت وصرت ترابا، قال: (إن الله عز وجل حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء صلوات الله عليهم) فاجتمعت الصلاة على سيد الأنام، في خير الأيام؛وهو الذي دل أمته على كل خير.ثامنا: فضل الأعمال الصالحة فيه: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (خمس من عملهن في يوم كتبه الله من أهل الجنة: من عاد مريضاً، وشهد جنازة، وصام يوماً، وراح إلى الجمعة، وأعتق رقبة). والمراد: أن صيامه وافق يوم الجمعة بدون قصد.تاسعا: أنه يوم تقوم فيه الساعة: للحديث الذي جاء فيه: (... ولا تقوم الساعة إلا في يوم الجمعة).عاشرا: وليوم الجمعة خصائص حتى على الأموات، ففي الحديث: (من مات يوم الجمعة أو ليلة الجمعة وُقي فتنة القبر) رواه أحمد.الحادي عشر: قراءة سورة الكهف ليلة الجمعة، ويوم الجمعة: قال أبو سعيد رضي الله عنه: من قرأ سورة الكهف ليلة الجمعة أضاء له فيما بينه وبين البيت العتيق، وهو في حكم المرفوع الذي قاله؛ لأن هذا لا يمكن أن يقال بالرأي. وأما قراءة سورة الدخان فلم يصح الحديث الوارد فيها.الثاني عشر: جواز الصلاة نصف النهار يوم الجمعة، دون سائر الأيام: كما في أحاديث عدة: (ثم يصلي ما كتب له).