أفرز جهاز الوكالة الوطنية لتسيير القرض المصغر منذ الشروع في تطبيقه سنة 2005 حركية حرفية واقتصادية نشطة بولاية الأغواط و فتح المجال أمام بروز تجارب ناجحة لحاملي المشاريع في هذا المجال إلى جانب ما تحققه باقي آليات التشغيل الأخرى من نتائج توصف ب "المشجعة" على مستوى الولاية . ولعل من بين التجارب الناجحة في هذا المجال تجربة بن خليفة محمد في الستين من العمر الذي يعد أحد مؤسسي فن الترميل في الجزائر و قد امتهن هذا الفن منذ الثمانينات فكانت له جولات ومعارض عبر الجزائر وبعض الدول ومن بينها جمهورية التشيك التي قضى فيها سنة كاملة متنقلا بين قراها ومدنها وعارضا للوحاته الفنية المرسومة على الخشب وبواسطة الرمل. وخلال هذه الرحلات اكتسب أصدقاء وزبائن أوروبيين كثر فحدث وأن استضيف سنة 1991 في إذاعة " غزال مرسيليا " بفرنسا لشرح ماهية فنه و أدواته المستعملة ومشاريعه المستقبلية غير أن عسر حالته الاجتماعية حال دون تحقيقه لأحلامه ومواصلة مسيرته التي كادت أن تتوقف . وبعد أن علم بن خليفة بجهاز القرض المصغر سارع إلى تكوين ملف طلب الاستفادة الذي قبل في ظرف قياسي وحصل على مبلغ 30 ألف دج ليقتني به المواد الأولية المتمثلة في مواد الخشب والصمغ حيث يقول في هذا الصدد " أنه وبفضل هذه الإعانة المالية تمكن من إحياء نشاطه من جديد ووصل إنتاجه الحالي إلى 15 لوحة شهريا وهو عدد قياسي مقارنة بما كان ينتجه في بداياته الأولى حيث يبلغ سعر اللوحة الواحدة بين 5 آلاف و 10 آلاف د ج". ومع مرور الوقت ورواج إنتاجه الإبداعي فتح هذا الفنان ورشة بحي المعمورة وسط مدينة الأغواط لتكون محل عمل جميع أفراد العائلة بما فيهم الزوجة والبنت ومقصدا للكثير من الشباب المتمهنين وطالبي تعلم حرفة فن الترميل . ويضيف بن خليفة في هذا الصدد بأنه استقبل في الآونة الأخيرة زبونين أحدهما من سويسرا والآخر من هولندا قدما لشراء لوحاته الفنية وهو مدعو من جهات ثقافية أجنبية لإقامة معارض داخل وخارج الوطن. ولم يقتصر دور الوكالة الوطنية لتسيير القرض المصغر على الدعم المالي فحسب - كما أضاف ذات التحدث- بل تعداه إلى المرافقة والمتابعة مما ساعده ذلك على الاستفادة من أفكار واقتراحات جديدة وهو يطمح إلى أن تساعده هذه الهيئة بخصوص إتاحة له فرص الترويج لمنتوجاته. وغير بعيد عن هذا النجاح المهني الذي حققه الفنان بن خليفة فان وضعا مماثلا حققه الشاب عمر عبد العالي صاحب العشرين ربيعا والقاطن ببلدية تاجموت غرب مدينة الأغواط الذي بحث ولمدة طويلة عن منصب شغل ينتشله من شبح البطالة. وبحكم امتلاك هذا الشاب لشهادة تكوين في النجارة المعمارية فقد اقترب من جهاز القرض المصغر بالولاية لإيداع طلب قرض بقيمة 400 ألف دج لاقتناء آلة نجارة التي فتح بها ورشته . وربما قد تعثر هذا الشاب إلى حد ما في بدايات مشروعه لكونه قليل الخبرة لكن المساعدة والمرافقة التي حظي بها من قبل مصالح جهاز القرض المصغر مكنته من توسيع تجارته ليوفر مناصب شغل لأزيد من 8 شباب داخل ورشته وقد أصبح اليوم ممول رئيسي للعديد من المؤسسات العمومية والخاصة بصناعة النجارة والعتاد الخشبي. وبعد مرور سنتين على إنشاء الورشة أصبح عبد العالي يفكر وبجد في إنشاء شراكة مع مستفيدين آخرين لأجل تكوين مؤسسة بحجم أكبر وإبرام اتفاقيات مع مالكي وسائل النقل لتسويق سلعته إلى خارج الولاية. وحسب منسق جهاز القرض المصغر بالأغواط فإن توزيع القروض على الشباب ساهم في توفير نشاطات وحرف لم تكن معروفة بالولاية على غرار فن الترميل كما سمح يإيجاد فضاءات مهنية وحرفية بالمناطق النائية والمعزولة خاصة بالنسبة للعنصر النسوي.