وقع فرقاء الأزمة السياسية الموريتانية أول أمس بالعاصمة السنغالية دكار اتفاقا يقضي بتأجيل الانتخابات الرئاسية التي كان مقررا تنظيمها السبت القادم إلى 18 جويلية المقبل. وتم توقيع الاتفاق من قبل ممثلين عن الأطراف الثلاثة، وهم ممثلو رئيس المجلس العسكري المستقيل الجنرال محمد ولد عبد العزيز، والجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية، وحزب تكتل القوى الديمقراطية الذي يرأسه زعيم المعارضة أحمد ولد داداه، وذلك بحضور الرئيس السنغالي عبد الله واد وممثلين علن لجنة الوساطة الدولية. ويتضمن الاتفاق -إضافة إلى تأجيل الانتخابات- تشكيل حكومة وحدة وطنية من 26 وزيرا، نصفهم من الفريق الموالي لولد عبد العزيز الذي يملك أغلبية برلمانية، والنصف الآخر من المعارضة بشقيها الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية، وحزب تكتل القوى الديمقراطية. وسيختار ولد عبد العزيز رئيس وزراء الحكومة المرتقبة، بينما ستكون وزارات الداخلية والمالية والإعلام والأمانة العامة لرئاسة الجمهورية من نصيب قوى المعارضة. ويتضمن الاتفاق أيضا عودة رمزية للرئيس المخلوع سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله، حيث هو من سيوقع مرسوم تعيين الحكومة المنتظرة قبل أن يستقيل، وإن لم ينص الاتفاق بشكل واضح على موضوع استقالته. كما يقضي الاتفاق بإعادة فتح باب الترشح للانتخابات وتقاسم عضوية اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات تمهيدا لتنظيم الاقتراع الرئاسي. وعلى الرغم من أن الاتفاق تم التوقيع عليه بالأحرف الأولى من قبل ممثلي الفرقاء، فإنه لن يصبح ساري المفعول قبل التوقيع عليه بشكل رسمي من طرف ولد عبد العزيز وولد الشيخ عبد الله وزعيم المعارضة أحمد ولد داداه في العاصمة نواكشوط بحضور الرئيس السنغالي عبد الله واد وممثلين عن لجنة الاتصال الدولية حول موريتانيا ودبلوماسي غربي وأفريقي وعربي. وأكد رئيس مفوضية السلم والأمن بالاتحاد الأفريقي رمضان لعمامرة في حفل توقيع الاتفاق أن هناك أيضا تفاهمات غير مكتوبة بين الأطراف السياسية سيسهر المجتمع الدولي على تنفيذها، ومنها إطلاق سراح السجناء السياسيين وعلى رأسهم رئيس الوزراء المخلوع يحيى ولد أحمد الوقف. وأكد ممثلو الفرقاء خلال حفل التوقيع أن الاتفاق "من شأنه أن يفتح صفحة جديدة في التاريخ السياسي الموريتاني مليئة بالتفاهم والتوافق"، ويقضي على حالة الشد والجذب التي كانت قائمة في الساحة الموريتانية منذ الانقلاب الذي وقع يوم 6 أوت 2008. ولم يعلق ولد عبد العزيز لحد الساعة على الاتفاق، في حين عبرت المعارضة عن ارتياحها، وقال زعيمها أحمد ولد داداه بعد توقيع الاتفاق بنحو عشر دقائق إن المعارضة مرتاحة له وتعتقد أنه جنب موريتانيا الفتنة وعدم الاستقرار، وجنبها مطبات خطيرة كانت تتخبط فيها منذ شهور. وقال للجزيرة نت إن أهم ضمانات الالتزام بالاتفاق أنه "التزام مشترك بين الأقطاب السياسية الثلاثة في البلد، هذا فضلا عن أن المجموعة الدولية وأعضاء مجلس الأمن الدولي التزموا أمام الفرقاء بالسهر على تطبيقه"، مشيرا إلى أنه تم التوصل إليه بعد جهود مضنية بين كل الأطراف. وجاء هذا الاتفاق بعد ستة أيام من المفاوضات الشاقة بين الأطراف في العاصمة السنغالية بإشراف مجموعة الاتصال الدولية بشأن موريتانيا والمكونة من ممثلين عن الأممالمتحدة وجامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي ومنظمة الدول الفرنكفونية.