تشارك الجزائر اليوم وغدا في قمة فرنسا إفريقيا التي تنعقد بمدينة نيس الفرنسية ممثلة في شخص الرئيس بوتفليقة بعدما تردد في وقت سابق حديث اكتفائها بتمثيل على مستوى الوزير الأول أو وزير الخارجية وكان مما غذى الجدل بشأن المشاركة الجزائرية الفتور الذي ساد العلاقات بين الجزائروفرنسا من جهة وبين الجزائر ومصر من جهة أخرى وقد كان التوتر الذي ساد العلاقات الجزائرية المصرية وقضية مشاركة عمر حسن البشير من أهم أسباب نقل القمة إلى نيس بدل شرم الشيخ الذي كانت مبرمجة فيه من قبل. وقد حصل اتفاق بين ساركوزي ومبارك بهذا الشأن. تشارك الجزائر على مستوى أعلى هيئة سياسية لما للقضايا المطروحة على القمة من أهمية للجزائر التي تعد بوابة أوروبا على إفريقيا بامتياز وهو ما يحمل هموما لا يمكن للجزائر أن تغيب في طرحها ومن الضروري أن تدلي بدلوها. ولعل من أهم القضايا التي تأتي على رأس اهتمامات الجزائر البحث عن آليات دعم النظام الأمني الجماعي الذي رسمه الاتحاد الإفريقي لمعالجة جملة من الهواجس على رأسها الإرهاب والهجرة السرية والجريمة المنظمة وهذه المشكلات كلها تتحمل الجزائر جزءا ضخما منها بحكم موقعها الاستراتيجي بين إفريقيا جنوب الصحراء جنوب البحر الأبيض المتوسط الذي تعتبر الجزائروفرنسا قطبين بارزين في المعادلة الإفريقية الأوروبية. والجزائر التي دافعت دوما عن قضايا القارة السمراء سواء من خلال مؤسسات الاتحاد الإفريقي أو من خلال مبادرة الشراكة الإفريقية المسماة بالنيباد رأت من خلال الرئيس بوتفليقة أنه من الأنسب أن لا تغرق القمة على أهميتها بحيث ينتظر أن تحضرها 52 دولة إفريقية في قضايا سابقة لأوانها مقابلة القضايا العاجلة وعلى رأسها قضايا الأمن والفقر والأمراض الفتاكة التي تهدد القارة الإفريقية. وهنا ينتظر أن يحتدم الجدل بين أفارقة يطالبون بشراكة عادلة تأخذ بعين الاعتبار الثروات التي تزخر بها القارة وبين فرنسا التي تبحث عن نصيب لها كادت أن تستولي عليه الولاياتالمتحدةالأمريكية والصين. وقد اختار فرنسا مغازلة السمراء من باب رغبتها في دور مستقبلي بارز للقارة في مؤسسات الأممالمتحدة التي ينتظر أن تنبثق عن الإصلاح مثل إصلاح مجلس الأمن وإشراك أفضل للقارة في أشغال مجموعة الثماني و مجموعة العشرين وأوضح مصدر مقرب من القمة أنه لهذا السبب ستكون هذه القمة فرصة للدول الإفريقية المشاركة للمرافعة عن قضيتها لدى فرنسا والأعضاء الآخرين في الاتحاد الأوروبي و إسماع صوتها ويرى العديد من الملاحظين أنه بنسبة 18 بالمئة من سكان العالم و 27 بالمئة من الدول الأعضاء في منظمة الأممالمتحدة و 4 بالمئة فقط من الناتج الداخلي الخام العالمي تبقى إفريقيا طرفا فاعلا مهمشا في الهيئات الدولية الكبرى. و تطالب إفريقيا التي تتوفر حاليا في مجلس الأمن الهيئة العليا لمنظمة الأممالمتحدة على ثلاثة مقاعد لأعضاء غير دائمين بأربع مقاعد إضافية من بينها اثنين دائمين مع حق النقض. و تم القيام خلال السنوات الأخيرة بعدة محاولات إصلاحية ترمي الى توسيع مجلس الأمن دعمتها فرنسا على وجه الخصوص لكنها بقيت مجمدة بسبب خلافات بين الدول الأعضاء.و تبقى إفريقيا على مستوى الهيئات المالية الدولية ضعيفة التمثيل حتى و إن كان البنك العالمي منحها منصبا إضافيا. و تطالب إفريقيا من جهة أخرى بحضور أكثر فعالية في مجموعة ال20. و صرح رئيس المفوضية الإفريقية جون بينغ خلال اجتماع مع البلدان الأوروبية أن "إفريقيا تمثل عشر مرات أوروبا" مطالبا المجموعة الدولية بان تشرك إفريقيا من هنا فصاعدا في القرارات التي تهم مستقبلها. و ستشهد قمة نيس عقد ثلاثة اجتماعات مغلقة مع جميع رؤساء الدول و الحكومات حول الرهانات السياسية الكبرى للقرن ال21 وهي مكانة إفريقيا في الحكامة العالمية و تعزيز السلام والأمن و المناخ و التنمية. و من جهة أخرى سيعمل وزراء الاقتصاد الفرنسيون والأفارقة و كذا ممثلو المؤسسات والنقابات حول خمسة مواضيع اقتصادية وهي محيط الأعمال و تمويل المؤسسات في إفريقيا و التكوين المهني و المسؤولية الاجتماعية والبيئية للمؤسسات ومصادر الطاقة للغد. كما ستقوم قمة نيس بتقييم دور المؤسسة الخاصة في التنمية الاقتصادية والشغل في إفريقيا. و للتذكير فان القمة ال24 التي عقدت في 2007 بمدينة "كان" الفرنسية قد تميزت بالإرادة في ترسيخ إفريقيا في العولمة و جعل القارة الإفريقية "ملتقى رخاء و ازدهار.