فصل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في دعوة نظيره الفرنسي نيكولا ساركوزي للمشاركة في أشغال قمة ''إفريقيا فرنسا'' الخامسة والعشرين بنيس الفرنسية، حيث تأكد رسميا حضور بوتفليقة اللقاء الذي سينعقد غدا، خلافا لما تم تداوله حول احتمال إلغاء المشاركة الجزائرية أو تمثيلها من طرف وزير الشؤون الخارجية أو الوزير المنتدب المكلف بالشؤون الإفريقية والمغاربية. تأتي هذه الزيارة كمحاولة جادة لإسدال الستار على مرحلة ''البرودة والجفاء'' التي طبعت العلاقات الجزائرية الفرنسية مؤخرا جراء تراكم العديد من القضايا المشتركة وثقيلة الوزن، مرتبطة أساسا بمسائل تاريخية، أمنية، دبلوماسية واقتصادية. وليس مستبعدا أن يتم عقد لقاء انفرادي بين بوتفليقة وساركوزي لوضع النقاط على الحروف حسب ما لمح إليه بيان رئاسة الجمهورية الفرنسية الصادر مساء أول أمس، حيث أفاد بأنه قد ''تأكد حضور بوتفليقة وليس من المقرر حاليا تنظيم اجتماع ثنائي لكن الرئيسين سيلتقيان بالتأكيد وسيتحادثان''. وتعتبر قمة نيس، التي تعد الأولى بين فرنسا والدول الإفريقية منذ تولي ساركوزي الرئاسة، فرصة ل'' ترطيب'' العلاقات بين باريس والجزائر وإعادة بعث ''الدفء'' بين قصري المرادية والإليزيه اللذين دخلا في ''حرب صامتة'' منذ اندلاع ''معركة التصريحات الاستفزازية'' التي بادر بإطلاقها وزير الخارجية الفرنسي، برنار كوشنير، إلى جانب الحملة المضادة التي قادها نواب التيار اليميني المتطرف ضد مقترح قانون تجريم الاستعمار. وقد أجل بوتفليقة زيارة الدولة التي كانت ستقوده إلى فرنسا العام المنصرم كرد على زيارة نظيره الفرنسي للجزائر نهاية ,2007 إلى أجل غير مسمى بسبب تردي وفتور العلاقات الثنائية بين البلدين، إلا أن اعتزامه هذه المرة زيارة باريس لا يعد اعتباطا، وإنما يحمل دلالات ومؤشرات عميقة تسعى في مجملها إلى رأب الصدع الذي ضرب بالعلاقات الفرانكو جزائرية وتسبب في بزوغ أزمة بين البلدين وذلك عبر فتح قنوات الحوار ومواجهة الملفات العالقة نهائيا. ومن المرتقب أن يتخلل القمة الفرانكو إفريقية، عامل ''المفاجأة'' الذي سيجد طريقه عبر عقد لقاء بين بوتفليقة والرئيس المصري حسني مبارك الذي سيترأس القمة مناصفة مع ساركوزي، وذلك على خلفية توتر العلاقات بين الجزائر ومصر جراء الأحداث التي أعقبت اللقاء الكروي بين المنتخب الوطني ونظيره المصري شهر نوفمبر الفارط. واستنادا إلى المعطيات المتداولة، فإن جدول أعمال القمة التي تنعقد كل ثلاث سنوات، ستتضمن ثلاث جلسات، تتعلق الأولى بمناقشة موقع ومكانة القارة الإفريقية في إدارة العالم بما في ذلك توسيع مجلس الأمن الدولي وآفاق مجموعة الدول الثماني الصناعية الكبرى ومجموعة العشرين. في حين ستخصص الجلسة الثانية لملف آليات تعزيز الأمن والسلم في إفريقيا، أما الجلسة الثالثة فستسلط الضوء على قضايا التغيرات المناخية والتنمية. وقد وجهت فرنسا دعوات ل50 رئيس دولة واستثنت منهم الرئيس السوداني عمر البشير، جراء قرار التوقيف الدولي الذي أصدرته في حقه المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب، إضافة إلى الرئيس الزيمبابوى روبرت موغابى، كما لم يتم دعوة بلدين إفريقيين للمشاركة في القمة وهما النيجر حيث تولى مجلس عسكرى السلطة في فيفري الماضي جراء الإطاحة بالرئيس مامادو تانجا، ومدغشقر التي تشهد وضعا متأزما منذ نهاية .2008 بينما رفض رئيس كوت ديفوار لوران غباغبو المشاركة بحجة صعوبة الوضع الداخلي في بلاده.