ساهمت سياسة البريكولاج التي تميز مختلف المؤسسات الاستشفائية العمومية و كذا اللا مسؤولية التي طغت على سلوكات أغلب مستخدمي القطاع الصحي في هجرة شبه جماعية للمرضى والمواطنين للمستشفيات الجزائرية باحثين عن خدمات أفضل لا توفرها إلا العيادات الخاصة. جازية عبشي إن سوء الخدمات والمعاملات بالمستشفيات العمومية ساهم بشكل كبير في تحمل المواطن الجزائري البسيط لتكاليف العلاج الباهظة بهدف الحصول على خدمات ذات نوعية جيدة من خلال التوجه إلى التداوي وتلقي العلاج بالعيادات الخاصة، ولمعرفة نوعية الخدمات التي توفرها العيادات الخاصة للزبائن، توجهت "المواطن" إلى عدة عيادات، إلا أن البعض من مسؤوليها رفض استقبالنا، كمسؤول عيادة عين النعجة المتعددة الخدمات والمتخصصة في أمراض القلب، الكلى.... الدكتور داودي، بالمقابل لم يتوان الدكتور "علاوة بوكعومة" في استقبالنا بعيادته الخاصة و غير البعيدة عن عيادة داودي، ولم يكن اختيارنا لعيادة بوكعومة عشوائيا وإنما جاء نتيجة للصدى الذي خلفه لدى المواطنين الذين أثنوا عن جودة الخدمات التي تقدم لهم في هذه الأخيرة، خاصة وأن هذا الدكتور يهتم بمعالجة كل العلل بصفته طبيب عام متحصل على عدة شهادات في تخصصات مختلفة والتي من بينها، الفحص الطبي، الفحص الإشعاعي، راديو تليسكوب والجراحة، كما أنه عمل في القطاع العام ابتداء من سنة 1982 لينتقل إلى القطاع الخاص سنة 1988 وبالتالي له خبرة تفوق ال 30 سنة في المجال الطبي. و قد أوضح لنا هذا الأخير طريقة تعامله مع المرضى المقبلين على العيادة و ذلك بعد أن صنفهم إلى ثلاث فئات، فئة المرضى التي تعودت على أخذ نوعية من الأدوية الأصلية وبالتالي، عادة ما تطالب بأخذها في كل مرة ، وهذا ما لا يمكننا تغييره إلا في حالة عدم توفر هذا النوع من الأدوية أو عند الضرورة القصوى أين نضطر إلى وصف الدواء الجنيس لهم، وهناك فئة من المرضى وهم المواطنون الذين لا يمكنهم تحمل نفقات الدواء الأصلي نظرا لارتفاع ثمنه وكذلك الأمر بالنسبة لغير المؤمنين إذ يفضلون الدواء الجنيس على الأصلي، كما أن صندوق الضمان الاجتماعي يفرض استخدام الدواء الجنيس محليا، وفي الأخير فئة المرضى أو المواطنين التي لا تعي الفرق الموجود بين الدواء الجنيس والدواء الأصلي. وعن كيفية التعامل مع الحالات الطارئة والحرجة قال الدكتور "بوكعومة" بأنه وبصفته طبيب تقلد عدة مناصب من بينها إدارة قسم الاستعجالات بأحد مستشفيات تيزي وزو فإنه يتكفل بالمرضى في كل الحالات، مضيفا بأنه لايعمل بنمط باقي العيادات، وإنما يمتلك بعيادته صيدليته الخاصة التي تتوفر بها تقريبا كل أدوية الاستعجالات من لقاحات، ضمادات وغيرها ، وبهذا فإنه يضمن راحة الزبائن المتهافتين على العيادة، أما عن المبلغ المحدد للزيارة الطبية فحسب نفس المتحدث يجب أن يناقش بين الأطراف الثلاثة المعنيين وهم الطبيب، المريض وصندوق التعويض والضمان الاجتماعي ، إلا أنه حدده ب 600 دج، وذلك بعد النظر إلى السعر المحدد بين أغلبية الأطباء والذي يتراوح ما بين 500 و 800 دج ، ولكن حسب نفس المتحدث قبل مناقشة المبلغ المخصص للزيارة يجب مناقشة المبلغ المعوض من طرف صندوق التعويض والضمان الاجتماعي بعد كل زيارة والمقدر ب 45 دج. والغريب في الأمر أن هذا المبلغ لم يراجع منذ حوالي سنة 1985-1986 وهذا غير طبيعي. أما فيما يخص نوعية الأدوية التي يصفها الطبيب بوكعومة لمرضاه فقال بأنه يصف الأدوية الأصلية والجنيسة مضيفا بأنه لا يميز أو يفرق بينها كون أن مفعولها وتركيبها واحد، لكن في الجزائر عادة ما يواجه الأطباء مشكلة إلزامية وصف الدواء الجنيس، بسبب وفرته محليا وعدم استيراده من الدول الأجنبية، وفي بعض الأحيان نجد أنفسنا ملزمين بوصف الدواء الأصلي رغم غلائه خصوصا لعدم صنعه محليا وكذا عقلية المواطن الجزائري البسيط الذي يعتقد وبشدة أن مفعول الدواء الأصلي أحسن من مفعول الدواء الجنيس، لكن يجب على الجهات المعنية إزالة اللبس والغموض المحيط بهذه النقطة من خلال تنظيم حملات توعية، توضح معنى كلا من الدواء الأصلي والجنيس، وأنا كطبيب أعي جيدا عدم وجود أي فرق بين الدواء الجنيس والأصلي، فالأدوية الجنيسة لها نفس فعالية الأدوية الأصلية، ولصنعها يجب أن تخضع لنفس المعايير والكميات فقط، ويعود انخفاض سعر الأدوية الجنيسة المحلية إلى عامل وحيد وهو حق الاكتشاف والاختراع. ولمعرفة هل الدكتور بوكعومة من بين الأطباء المشتركين مع صندوق التعويض و الضمان الاجتماعي فقد صرح لنا بأنه غير مشارك، خاصة بعد أن علم من زملائه الأطباء بأنهم غير راضيين عن نسبة التعويض التي يرون بأنها لاتتماشى ولا تتناسب مع ما يقدمونه من خدمات، وعلى غرار ذلك استحسن الدكتور بوكعومة قرار وزارة الصحة فيمنع استيراد الأدوية المصنوعة محليا، وقال بأنه مع صناعة الأدوية الجنيسة المحلية و الدليل على ذلك و بالرغم من تلقي و متابعة الدراسة بالدول الأوروبية إلا أنه استقر بالبلد الأم الجزائر ليقدم خدماته لوطنه و شعبه، ولكنه لم يغفل عن انه ورغم تشجيع هذه العملية من قبل الدولة إلا أن المخابر لا تجتهد في تقديم الخدمات الجيدة و صناعة الأدوية وتتماطل وهذا راجع لغياب المتابعة و المراقبة من قبل هذه الأخيرة.