اختتم رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أمس الأول زيارة للبنان استمرت يومين أعلن خلالها استعداد بلاده لدعم جهود السعودية وسوريا في أزمة المحكمة الدولية الخاصة باغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، ودعا اللبنانيين إلى التمسك بخيار الوحدة، كما شن هجوما حادا على إسرائيل. وخلال زيارته افتتح أردوغان مستشفى شيد بتمويل تركي في مدينة صيدا جنوب لبنان، وزار المقر العام للكتيبة التركية العاملة ضمن قوات الأممالمتحدة لحفظ السلام (يونيفيل) في لبنان قرب مدينة صور. وفي إحدى كلماته دعا أردوغان اللبنانيين إلى الوحدة ومنع من سماهم المغرضين من التسلل إليها، وقال إن لبنان كان وما يزال مثالا لتعايش كافة الأديان والمذاهب، لكن يظهر من فترة إلى أخرى من يحب أن يسيء إلى هذا الوئام، ويجب ألا يعطى أمثال هؤلاء الفرصة. وأكد في كلمته على دعم تركيا للبنان خاصة في مجال الإعمار، وقال "نحن نعرف وندرك تماما وظيفتنا تجاه إعمار لبنان، وسنقوم دائما بهذه الوظيفة على أكمل وجه". من جانب آخر شن أردوغان هجوما حادا على إسرائيل، ودعا في احتفال شعبي أقيم في عكار شمال لبنان مساء الأربعاء الماضي إلى أن تكون المنطقة كلها على موقف واحد ضد من وصفهم بقتلة الأطفال إذا نشبت حرب أخرى. كما شن هجوما عنيفا على من قال إنهم ينتقدون التقارب التركي العربي ويتجاهلون ممارسات القتل والإرهاب التي تقوم بها إسرائيل ضد المدنيين في غزة وسيادة الدولة في لبنان والقرصنة كما حدث في مقتل المواطنين الأتراك في عرض البحر جراء هجوم إسرائيلي على قافلة الحرية نهاية ماي الماضي. وكان أردوغان قد التقى في مستهل زيارته كبار المسؤولين اللبنانيين، وعلى رأسهم رؤساء الجمهورية ميشال سليمان، ومجلس الوزراء سعد الحريري، ومجلس النواب نبيه بري، كما التقى عددا من الأطراف السياسية. من جهته أشاد الحريري بالدور الكبير لأردوغان في إرساء دعائم التطور الاقتصادي والاجتماعي والسياسي في تركيا، كما أشاد بوقوف أنقرة إلى جانب القضايا العربية والإسلامية، وقال إنها "كانت السند الوفي للبنان في كل الأوقات الصعبة، وهي تعمل على الاستقرار الأمني والسياسي في لبنان". كما وصف الحريري أردوغان بأنه "زعيم إسلامي بامتياز"، وأن شعبيته في لبنان كبيرة، مؤكداً أن "لبنان سيكون بخير، وأن اللبنانيين بكل أطيافهم وفئاتهم السياسية لن يفرطوا في وحدتهم الوطنية". ووقع الجانبان اللبناني والتركي اتفاقيات اقتصادية وتجارية الأربعاء الماضي لإقامة منطقة تجارة حرة بين البلدين في إطار تعزيز علاقاتهما الثنائية. ورغم الترحيب الحار الذي حظيت به زيارة أردوغان للبنان خاصة أثناء زيارته لصيدا وعكار، فإنها وجدت اعتراضا من قبل بعض اللبنانيين من أصل أرمني الذين يتهمون تركيا بارتكاب إبادة جماعية ضد الأرمن خلال الحرب العالمية الأولى. فقد اعتصم مئات اللبنانيين الأرمن وسط بيروت احتجاجا على الزيارة، ومزقوا صورة معلقة لأردوغان قريبة من نصب الشهداء الذي يخلد ذكرى شهداء لبنان الذين أعدمتهم الدولة العثمانية أوائل القرن الماضي بسبب مطالبتهم بالاستقلال.