نتأسف عندما تمتلئ محاكمنا بقضايا تكون فيها المرأة ضحية عنف الرجل الذي تُرفع عليه هذه الكلمة بمجرد أن يستقوى و يمد يديه على انثى ذلك الكائن الضعيف ، و قد عرفت ظاهرة العنف الممارس ضد المرأة في الجزائر ارتفاعا ملحوظا خاصة في السنوات الأخيرة حيث باتت أسرنا الجزائرية مهددة بالزوال و الفناء من أجل مشاكل أصبح حلها بلغة الضرب بدل لغة الحوار ، و هذا ما يجعل إحصائيات مثل حالات العنف هذه في تصاعد مستمر في الجزائر ، الأمر الذي ينذر بناقوس الخطر لما له من تأثير على بناء المجتمع رغم مجهودات الهيئات و الجمعيات المنادية لحقوق الانسان بشكل عام و المرأة بشكل خاص للحفاظ على كرامتهن و استنكار كل ممارسات العنف الممارسة نحوهن . . من فتنة الى جريمة أفقدت الزوجة بصرها كثيرة تلك القضايا التي وقفنا عليها لحالات كان قدرهن أن يرتبطن بأزواج لا يقدرن معنى المرأة التي تعد نصف المجتمع و هي التي تلد و تربي النصف الآخر الذي أصبح اليوم يجيد ممارسة فن الاضطهاد و العنف ضدها ، أولى القضايا التي حقيقة أقشعر بدننا منها لهول ما عشته السيدة شريفة من زوج ارتبطت به عن حب الى طلاق بإعاقة هي قصة حقيقية و بطلها الشرير زوج محب و للأسف غيرته الأيام و ظروفها الى أن يتعدى على ام اولاده التي شقت معه درب الحياة لأزيد من 20 سنة و ليكون جزاءها في الاخير ان يحرمها من نعمة البصر ... هي قصة مؤلمة تحكيها لنا السيدة شريفة بيدين ترتجفان و كلمات مبعثرة جراء ما حصل لها من عنف لا يقبله لا دين و لا شرع ، و تقول :" تعود هذه الحادثة الى إحدى الليالي السوداء في حياتي ، بعد أن دخل زوجي من العمل و هو يرمقني بنظرات الحقد و الكراهية ، الأمر الذي لم أفهمه الى أن و جدت نفسي أعيش تلك التجربة المخيفة و السبب كله يرجع الى أن هناك من زرع فتنة مفادها انني أخرج من البيت بدون علمه ، و من دون أن يفهم مني قام باتهامي و تصديقي ما حكي في ظاهر غيبي ، و بمجرد أن فتحنا سيرة الموضوع الذي حاولت أن أحاوره حتى لا نصل الى طريق مسدود الى انه يبدو انه في ذلك اليوم غلق كل منافذ سمعه هو الامر الذي أوصلني أن أكمل حياتي في السواد بعدما قام بضربي و اطاحة على الارض و غرز يديه الاثنتين في عيناي ، تلك اللحظة استوقفتني كل الذكريات التي جمعتني معه و بصور أبنائي الثالث رحلت وودعت عالمي الأبيض الى عالم اسود لا اتمناه لغيري ، هي جريمة و ليست بحادثة و صعبت علي لأن ابنائي عاشوها و تأثروا بها و الله وحده يشهد أنني لم أفكر في نفسي يومها بقدر ما فكرت في حالتي أطفالي وهم يشهدنني في تلك الحالة المزرية .." ، و في هذه اللحظة توقفت متحدثتنا عن الكلام حتى تسترجع أنفاسها و اكتفت بالقول " حسبي الله و نعم الوكيل " من فتنة تحولت الى جريمة أدخلت الأب الى السجن و حرمت الأبناء من العيش في وسط عائلة متكاملة ... غيرة شديدة أذاقتها الضرب المبرح وهي في عز شبابها واصلنا مسيرة البحث عن قضية مماثلة و ذلك بالتعاون مع السلطات الأمنية التي زودتنا ببعض منها و أخترنا أقساها حتى نلمس درجة و خطورة هذه الظاهر ة التي تتنامي داخل جدران بيوتنا ، و التي تجعلنا نتساءل لماذا يمارس الرجل العنف ضد المرأة في حين أن هناك الكثير من السبل السلمية للخروج من الازمات و المشاكل الزوجية بسلام؟ و هو ما نحاول أن نلتمسه من خلال القضايا التي وقفنا عليها ، قضيتنا الثانية لشابة في مقتبل العمر تزوجت و هي في الرابع و العشرين من عمرها ، من زوج غيور لدرجة أنه لا يمشي مع زوجته في الطريق حسب ما روته لنا الشابة "رفيدة" في اتصالنا معها حيث روت لنا قصتها التي جعلتها ترفع قضية على زوجها و تقول : " لم أتمنى ان تصل الأمور الى هذه الدرجة و لكنه بغيرته الشديدة و صرامته جعلت صبري ينفذ خاصة أنني كنت اتعرض يوميا للضرب المبرح على مستوى اجزاء من جسدي و أكثرها وجهي الذي اعيش اليوم و انا أحمل تلك الكدمات التي سترافقني و تذكرني برجل شرس جعلني اهاب فكرة أن أعيد حياتي من جديد خوفا من أن أرتبط بزوج عنيف ." و تحكي عن اخر حادثة عنف تعرضت عليها و انجر من وراءها الطلاق و زج بالزوج في السجن لأيام و تقول : :" اتذكر يومها اننا تشاجرنا بسبب أنه رفض ان يأخذني لبيت اهلي بعدما حاولت بكل الطرق أن ارضيه بالكلام المعسول الا ان هذا لم يكن ينفع معه الا أن فقدت التحكم في تصرفاتي و زايدت في الكلام معه خاصة انني أصبحت احس نفسي مثل ذلك الطائر الذي يرفض صاحبه أن يطلق سراحه ، و من شجار بالكلام تحول ذلك المشهد الى مشهد عنف و دماء تتطاير و التي تطايرت معها احلامي و شبابي الذي أخطأت يوم جعلته و أنا بقربي هذا الرجل ، و اتذكر يومها أنني لم أجد سوى الاستنجاد بجيراني الذين تدخلوا لإنقاذي من يديه الشرستين خاصة أنه قام بضربي بالقارورة الزجاجية التي تسببت لي بالكثير من الجروح الخطيرة و ما كان علي الا أن أرفع قضيه عليه حتى أتخلص من جنونه و مرضه النفسي الذي ذقت مرارة منه ." رفيدة ضحية رجل يهوى ضرب النساء و من قضية " رفيدة" الى قصة السيدة " وسيلة" التي ارتبطت بشخص لم تكن تعلم انه عنيف و يمارس الضرب منذ صغره و ذلك لتأثره بمواقف عاشها و هو في سن صغير لتكبر معه تلك الصدمات و المواقف ليترجمها فيما بعد على زوجته ، الزوج عمر الذي تحكي عنه السيدة وسيلة تبين أنه مصاب بمرض نفسي يجعله يهوى ضرب النساء و يجد في ذلك راحته و قوته حيث تقول : " لم أنعم يوما بلحظة سعادة معه منذ أن دخلت بيته ، حيث أستغفلني قبل الزوج و أظهر لي وجه الرجل الحنون و العطوف على المرأة ليتحول بعدما جعلني احمل اسمه الى رجل اخر اكاد اعرفه ، ففي البداية كان يصفعني بشكل خفيف ثم يرضيني و كنت اقول وقتها انه يلاعبني و بعدها تطور الأمر الى أن أصبح يضربني على أشياء لا تستحق ذلك الا أنني و في كل مرة كنت أحاول أن أحافظ على بيتي و علاقتي الزوجية و لكن مع الأيام تلك الصفعات تحولت الى ضرب لو مارسه على رجل لما تحمل و ما كان يدهشني أنه يضربني لدرجة أنه يسيل دمائي ثم يقوم بمرضاتي و كأنه لم يفعل شيئا الأمر الذي جعلني أخافه و أستشير احدى الطبيبات التي اكدت لي أن زوجي مريض نفسيا و عليه بالمتابعة و المعالجة النفسية و يوم نصحته بذلك كانت الكارثة العظمى حيث تسبب يومها بإحداثي لي كسور على مستوى اليد و الظهر و حتى الوجه و هنا كانت نهاية علاقتي بي بعدما جعلته يدفع ثمن ضربه لي غاليا ." عندما يصبح الزوج السكير يهدد حياة الزوجة و أمنها و في ذات السياق التقينا بالسيدة " نوال" التي لم تتردد في حكاية قصتها لعل في ما ترويه من يعتبر و يحذر من أن يرتبط بشخص دون السؤال عن أهليه و ماضيه و تقول : " تقدم الى خطبتي ابن الجيران الذي كنت اعلم أنه كان في الكثير من الأحيان يشرب الخمر مع أصدقائه الا انني حاولت أن أتغاضى عن هذا الامر و أنقذه منه و حقيقة الكثير من تصرفاته الصبيانية تغيرت بمجرد أن ارتبطنا في الحلال و لكن لم اتصور انه و بعد مرور اكثر من سنة من زوجنا أن يعود لعاداته القديمة بمجرد أن ألتقى بصحبة ماضيه الاسود ، هذه العادة جعلته يمارس علي الضرب و هو في حالة السكر وهو ما لم أقبله على نفسي ، رغما انني صبرت و تحملت الكثير و كنت اخفي الأمر على والدي الا أنه لم يهتدي و يرجع الى صوابه ، و في ليلة سوداء قام بضربي ابني البكر بسبب انه دخل للبيت متأخرا و لأنني رفضت أن يضربه قام بإذاقتي المر يومها حيث حبسني في الغرفة و إنهال علي بالضرب بحزام السروال على مسامع أبنائي الذين كانوا يترجونه و يبكون لدرجة أن أحد ابنتي فقدت وعيها أنداك و تلك كانت من أصعب اللحظات التي لا زلت أعيش على وقعها و اليوم أنا أعالج نفسيا حتى أتخلص من كابوس العنف الذي مارسه علي "