تناولت قناة الجزيرة في موقعها الرسمي أمس، مقالا مفصلا تشيد فيه بالإنجازات والموروث الثقافي والأدبي، الذي تركه المفكر والعالم الجزائري مالك بن نبي، وهذا من خلال القراءات والانتقادات التي قدمها للامة وكذا الاسباب التي أدت الى تراجعها، وهذا وفق رؤية قرآنية محضة. وقد تناول التقرير أيضا الاسباب التي ادت الى احتفاء بفكر مالك بن نبي في عصرنا، والتي انحصرت في التهميش والتجاهل الذي طال افكاره في بلده الجزائر، بالإضافة الى حاجة الأمة وهي ما تزال تحت وطأة أسئلتها الثقيلة عن النهضة وأسباب السقوط، وهو ما تناوله منذ سنين في مجمل كتبه ولعل أشهرها "شروط النهضة" و"مشكلات الحضارة". كما اعتبر صاحب المقال الترحاب الذي وجده ابن نبي في المشرق العربي، خلال ثمانينات القرن الماضي، كان حافزا لبعض المعتدلين الاسلاميين على غرار كل من جودت سعيد، وخالص جلبي وعمر عبيد حسنة، وغيرهم من الذين وجدوا في فكر ابن نبي، متنفسا لضيق ما وجدوه في رؤية المفكر المصري سيد قطب، خاصة في أطروحاته المتعلقة بالولاء والبراء وغيرها ودعوة للصدام والعنف مع المستبد. وفي السياق ذاته أصدرت دار "الأمة" كتابين عن بن نبي، الأول صدر نهاية العام الماضي، وهو قراءة عامة في أفكاره لعبد الوهاب خلخال، والآخر حمل عنوان "العروج الحضاري بين مالك بن نبي والداعية والمصلح التركي، فتح الله جولن" الذي صدر الشهر الحالي. وقد صدر الكتاب الأول عن إدارة البحوث والدراسات الإسلامية في قطر، تناول المؤلف عبد الوهاب خلخال من خلاله، أفكار بن نبي متوقفا عند الرؤية المركزية التي انطلق منها، وهي"خلفيته الحضارية كمسلم مؤمن بذاته وتميزه في هذا الوجود، بل ومقتنع بأنه بإمكانه أن يقدم للبشرية التائهة طوق النجاة". وحسب صاحب المؤلف، فإن بن نبي كان من جيل المصلحين الذين اكتشفوا الذات من خلال الآخر، وهي ميزة معظم المصلحين في القرنين التاسع عشر والعشرين الذين اكتشفوا ذواتهم عبر الابتعاث أو مقارنة أحوال المشرق المتخلف بالغرب المتحضر، مستشهدا بكتاب "زعماء الإصلاح" للمفكر المصري. ويتابع الأستاذ الدكتور فؤاد عبد الرحمن البنا من اليمن، في الكتاب الثاني "العروج الحضاري"، ما بدأه خلخال من توصيف لفكر صاحب "مشكلات الحضارة" إلى وضع أفكاره بالمقارنة مع العالم والمفكر التركي محمد فتح الله جولن المولود في تركيا لوفاة مؤسس العلمانية في تركيا مصطفى كمال أتاتورك. ويعقد البنا أوجه التشابه بين الاثنين، من حيث اتفاقهما على دور الأسرة في التربية، والقرآن وأثره في صياغة شخصيتهما، والتزام طريق التوازن منذ الصغر وخارطة الإنتاج الفكري لديهما، ورؤية كليهما في النهوض الحضاري.