اعتبر قاطنو بلدية الزوبيرية بالمدية قرية بقيط الواقعة بإقليم ذات البلدية والتي لا تبعد سوى 38 كلم جنوب عاصمة المدية، قرية فارقتها علامات الحياة، قرية يصعب العيش فيها حتى على الحيوان فما بالك بالإنسان، إنها قرية اجتمع فيها الفقر والعجز وسكنا في كل ركن من أركان أكواخها المتناثرة هنا وهناك، هذا ما لامسه مندوب الوسط وما عاشته وهي تنقل واقع أناس بسطاء لم يذوقوا أبدا طعم الحياة. غابت التنمية عن أحلام سكان قرية بقيط بقلب بلدية الزوبيرية، كلمة سمعوا من مثيلاتها الكثير في وعود أخلفها الكثير ممن تهافتوا على طلب ودها في حملات سابقة، كلمة سئموا منها صدرت من مسؤولين تعاقبوا على زيارتهم بين الفينة والأخرى، لكن لا شيء ملموس في الواقع ولم يفهم سكان بقيط لحد الساعة معنى تلك الكلمة، فلا وعود تحقق ولا مشاريع تنجز ولا معجزات تحصل، هذه القرية الهرمة، حالها تقشعر له الأبدان وتشمئز منه النفوس، اختلطت فيها أصوات الأطفال بأصوات الحيوانات التي تقاسمت السكن معهم وحتى هي الأخرى ملت حياتها، فلا قنوات لصرف المياه القذرة ولا مياه تصل إلى حنفياتهم هذا إن كانت لهم حنفيات أصلا ولا غاز يقيهم صقيع الشتاء حتى أسقف الأكواخ تخللتها مياه الأمطار والرطوبة، لتبتل لها كل ليل أحضان الأمهات والأطفال الرضع، مياه قذرة في كل مكان هنا وهناك داخل البيوت وخارجها مشكلة بذلك نبعا لكل الأوبئة وأدهى من ذلك فهم لا يملكون عقود الملكية لمنازلهم، ليتحقق معنى التهميش والإقصاء بكل حذافيره. يحدث هذا في منطقة قدمت الكثير من فلذات أكبادها إبان الاستعمار الفرنسي، والأمر الوحيد المتبقي لهم ضمن ما يسمى بالتنمية هو المستوصف المكون من غرفتين بذات البلدية، بيوت مشيدة على ضفاف الوادي بمنطقة سماها أهل الزوبيرية هنا تنتهي الحياة عادلت في مشاكلها ومعاناتها قريناتها من القرى الأخرى عبر أرجاء الولاية، غير بعيد يوجد حي طوبال وهو حي جديد لا يحمل من معنى حداثة إلا الاسم، فالطريق المؤدية إليه لا تصلح إلا لمرور الجرارات أو ماكينات الأشغال العمومية، وهي الوسيلة الوحيدة أيضا لجلب المياه الصالحة للشرب، التي لا تصل أبدا بسبب خراب شبكة توزيع المياه التي تفنن بالغش في انجازها على حد تعبير أهلها. غياب الضروريات زاد من معاناتهم أكد قاطنو القرية أنهم يشترون الماء بسعر 600 دج للصهريج رغم أن المنطقة غنية بهذه المادة الحيوية، أما غاز المدينة فغائب عن اللائحة، ما جعل البعض يتضرع للمولى عسى أن يتحقق هذا الحلم العسير ، أما التشغيل في القرية، فالبطالة جاثمة على قلوب الكثيرين في بلدية يعتبر فيها العمل معجزة، وبعض الشباب تساءلوا عن سبب جلب عمال من خارج البلدية في المكان الوحيد الذي قد يوفر مناصب العمل وهو محطة تعبئة وتوزيع قارورات غاز البوتان، فقد جر الكثير من المصائب على القرية وسكانها.