بعد أن أصبح الهاتف النقال، وسيلة ضرورية، لا غنى عنها في الحياة اليومية للفرد، في الوقت الراهن، دخلت عملية تعبئة الرصيد بما تتطلبه من تكلفة، ضمن قائمة المصاريف والنفقات التي تفرضها احتياجاتنا بشكل يومي، حيث أصبحت تعبئة الرصيد من الأولويات التي يخصص لها المواطن، ميزانية خاصة، بالنظر إلى ما يفرضه نمط الحياة العصرية، التي تكتسحها الوسائل التكنولوجية الحديثة، من اعتماد على هذه الأخيرة، في قضاء المصالح. لا يستطيع أحد منا الاستغناء عن الحديث عبر الهاتف النقال، فهذا الأخير سهل علينا قضاء الكثير من الاحتياجات والمنافع، فقط باتصال هاتفي، فسواء كان الدافع هو مسؤوليات وضروريات العمل، احتياجات أفراد العائلة، والأصدقاء، أو حتى مجرد الاطمئنان عن أحد ما، يجد الشخص نفسه مضطرا في كل مرة، لإعادة تعبئة رصيده، وإن كلفه ذلك جزء معتبرا من الراتب الشهري، وهذا ما يمكن الوقوف عليه، بمجرد تواجدك بأي محل من المحلات التي توفر هذه الخدمة، حيث يتهافت المواطنون ومند ساعات اليوم الأولى على "الفليكسي"، إلى درجة الازدحام في بعض الأحيان، ودافعهم في ذلك هو الحاجات اليومية الملحة، التي تتطلب منهم الاتصال بهذا الشخص أو بذاك. وفي هذا الصدد تقول سيدة التقيناها صباحا في أحد الأكشاك، وهي تعبئ رصيدها بقيمة 300 دينار أنها تخصص من راتبها الشهري ميزانية محددة، تخصصها فقط لتعبئة الرصيد، وهذا حسب المتحدثة، بالنظر لكونها امرأة عاملة تحتاج في كل مرة الاطمئنان على أبنائها المتمدرسين، والتأكد من سلامتهم، أو معرفة ما قد يواجههم، في البيت أو خارجه، طيلة فترة تواجدها في العمل، أما الطالبة سمية، فتقول "التعبئة فعلا تشكل عبء آخر يضاف إلى الميزانية، لكن بالمقابل هو ضرورة لابد منها، فبحكم أني طالبة جامعية أحتاج دائما للبقاء على اتصال مع زملائي، من أجل التنسيق معهم حول البحوث، وإعدادها، وكذا معرفة كل ما قد يستجد في الجامعة، وبالتالي أجد أنني أضطر إلى تعبئة رصيدي بشكل دائم، وأحيانا بشكل يومي".
الفليكسي عوض بطاقات التعبئة وموفرو الخدمة هم المستفيد إن ما يمكن ملاحظته بالنسبة لهذا الموضوع، هو الإقبال الكبير للمواطنين على تعبئة الرصيد عن طريق "الفليكسي"، بدل بطاقات التعبئة، التي أصبحت شبه مغيبة، وهو ما أكده لنا أصحاب الهواتف العمومية، والمحلات التي توفر مثل هذه الخدمات، والذين أجمعوا على أنه ومنذ استحداث شركات الاتصالات لهذه الصيغة السهلة والسريعة في تعبئة الرصيد، عوضت بشكل لافت بطاقات التعبئة، موضحين أن الغالبية العظمى من الزبائن الذين يقصدون محلاتهم لتعبئة الرصيد، يختارون طريقة "الفليكسي"، رغم تدمر البعض من قيمة ال10 دينار الإضافية على عملية التعبئة بهذه الصيغة، ويرجع من تحدثنا إليهم من أصحاب هذه المحلات ذلك، إلى ارتفاع قيمة بطاقة التعبئة مقارنة بالفليكسي، حيث يستطيع المواطن تعبئة رصيده بقيمة 100 دينار فقط، في حين يرجعها آخرون إلى مسألة سهولة العملية، وسرعتها، بالإضافة إلى التعود، حيث يؤكدون أن هناك مواطنين يعبؤون رصيدهم بالفليكسي، بقيمة تعادل قيمة بطاقة التعبئة، ويدفعون ال10 دينار الإضافية، بدل التعبئة بالبطاقة. وبالنظر إلى الإقبال الكبير للمواطنين على هذه الخدمة من جهة، وسهولة إتاحتها من جهة أخرى، صارت تمثل مصدر ربح للمحلات، والدليل على ذلك أنها لم تعد متاحة على مستوى الهواتف العمومية فقط، بل بالإمكان تعبئة الرصيد عن طريق "الفليكسي"، من مختلف الأكشاك، ومحلات بيع العطور ومواد التجميل، بالنظر إلى ما تذره من أرباح، حيث أوضح الكثيرون أن "الفليكسي" يعد أحد أهم مصادر الربح لهذه المحلات، حيث تشهد إقبالا كبيرا للمواطنين، في كل الأيام والأوقات. امتيازات شركات الاتصال غير كافية ورغم أن شركات الاتصالات تمنح خلال كل فترة امتيازات على تعبئة الرصيد، بحيث تتيح للزبون، أو المتعامل، الاستفادة من تخفيضات، مكالمات مجانية، وغيرها من الامتيازات، إلا أن أغلب المواطنين يعتبرون أنها غير كافية، لتغطية احتياجاتهم اليومية، خاصة وأنها تكون في الغالب متاحة فقط، بالنسبة لأرقام الهواتف الخاصة بنفس الشبكة، في حين أن الفرد يحتاج الاتصال بأشخاص يستخدمون شبكات أخرى، ما يضطرهم إلى تعبئة الرصيد، أو الفليكسي، بشكل يومي، معتبرين أن الامتيازات الممنوحة لم تخفف عن ميزانيتهم أثقال الفليكسي.