أكد الدكاترة والباحثون في مختلف المجالات، على هامش الملتقى الوطني المعنون ب" التحولات الاجتماعية وانعكاساتها النفسية على الشباب في المجتمع الجزائري"، الذي أسدل الستار عن فعالياته يوم أمس بجامعة الجزائر 02 ببوزريعة ، على أن الجزائر ما تزال تعيش في نفق مرحلة انتقالية عمرها 33 سنة، نتج عنها اختلال كبير في المفاهيم والقيم الاجتماعية لدى الشباب، معتبرين هذا الأخير الحلقة الرئيسية التي تبنى على أساسها حضارة ونهضة المجتمع الجزائري. الدكتورة قجاري أمينة: " التكنولوجيا الحديثة تلعب دورا هاما في التحولات الاجتماعية الراهنة " تؤكد الدكتورة قجاري أمينة من جامعة العربي بن مهيدي أم البواقي، في مداخلتها خلال هذا الملتقى و المعنونة "بالأثار التربوية للأنترنيت على ضوء التحديات الراهنة"، وهذا من خلال معالجة فئة حساسة جدا في المجتمع الجزائري وهي فئة المراهقين، الذين هم بحاجة الى التوجيه والى حاجة الى الوقوف بجانبهم في ظل هذه المرحلة الت تعتبر مرحلة لتكوين الشخصية، وما توصلنا اليه في نتائج الدراسة هناك اقبال متنامي على الأنترنيت، خاصة في المجال التربوي التعليمي وهذا تخطيا لحاجز المكتبة في كل مرة، وهو ما يوفر لهم تنوع في المعلومات وسهولة في المقابل للحصول عليها، ومن جهة أخرى يشكل هذا الاستعمال خطرا سيما عندما نسجل ضعف في البنى التحتية للشبكات العنكبوتية في الجزائر خاصة وأن أنها لا تغطي احتياجات المراهقين، بالإضافة الى ان أهم نقطة في البعد السلبي تتمثل في الاتكالية عند الطلبة سواء في تحضيره للدروس أو اجرائه للبحوث. وبين النقاط التي تحسب للتكنولوجيا الحديثة، أنها سهلت وبشكل كبير على الطالب الحصول على المعلومات، والحصول على حتى الشهادات من الجامعات الأخرى من خلال التكوين عن بعد. الدكتور حبيب تبليوين: "الربيع العربي وحد الجزائريين وعزز فيهم روح الوطنية والانتماء" في حين يرى البروفيسور، حبيب تيليوين من جامعة وهران، من خلال المحاضرة التي افتتح بها الملتقى والمعنونة ب" جودة الحياة والتحولات الاجتماعية"، اذا أردنا أن نعرف التحولات الاجتماعية الحاصلة في المجتمع الجزائري لابد من دراسة معمقة من خلال النزول الى الميدان، ففي العشرية الأخيرة بالمقارنة مع السنوات السابقة هناك تحسن كبير والشاب الجزائري لديه أكثر ثقة في بلده مقارنة مع غيره، و هو من أحسن الشباب من ناحية الأمل والتفاؤل في نظرته الى المستقبل الشخصي والعام على حد سواء، وظهور هذه الاضطرابات الحاصلة مؤخرا في مجتمعنا العربي جعلت الجزائريين يشعرون بالوطنية، وبالتالي ساهمت بشكل كبير في تعزيز الوحدة والالتفاف الشعب حول القضايا الوطنية لديهم، ولعل ما جمهم أيضا الشعور بالخطر أكثر من أي وقت مضى وهذا ما تؤكده نتائج الدراسة الميدانية على مدار عشر سنوات كاملة (2003 2012). "المجتمع الجزائري يمر بمرحلة انتقالية منذ 33 سنة.." كما تطرق في الوقت ذاته الى الخطأ الشائع في البحوث العلمية التي يتم الحكم فيها من خلال المقاييس الاقتصادية كمشر للتنمية، لأن الرخاء الاقتصادي لا يعني الرخاء الاجتماعي وخير دليل حالات الانتحارات الحاصلة في المجتمع، الاضطرابات العقلية والنفسية، انتشار الجريمة والمخدرات وغيرها ... وهو نفس الكلام الذي أكده الدكتور عبد العزيز حدار الذي سجل مداخلته الموسومة ب" حالة اللامعيارية والمشكلات النفسي لدى الشباب" وهذا من خلال المرحلة انتقالية التي يعرفها المجتمع الجزائري منذ 1980 الى غاية يومنا هذا، ولكن المشكل الرئيسي في ذلك كله حسب ما يراه ذات المتحدث يكمن في عدم وعي المجتمع للتحولات الحاصلة والمرحلة الانتقالية التي يمر بها، فالمشكلات النفسية والاجتماعية لم تستطع تحديدها وتشخيصها، ولم تحسن أيضا إعادة التوازن للإختلال الوظيفي الحاصل في الجزائر. ولعل ارتفاع معدلات العنف والجريمة بجميع أشكالها في المجتمع بالإضافة الى الانتحار والانجراف والادمان...لخير دليل على ذلك. وقد أكد في نفس الوقت، أن النسق القيمي في الجزائر من أحسن القيم العالمية، وما ينبغي على المجتمع الا أن يعيه جيدا فقط، وبالمقابل هو ليس بحاجة الى استراد نسق من الخارج. محملا المسؤولية الكبيرة على وسائل الإعلام التي عجزت على نقله في صورته الحقيقية، بالإضافة الى غياب الاستراتيجيات الحقيقية لنقل هذه الثقافة من خلال نماذج حية من المجتمع. مشاكل الشباب بين "الحرقة" "المراهقة" "البطالة" " قلق المستقبل" اعتبر الدكتور خالد نور الدين من جامعة الجزائر 02 أن " الحرقة "، ظاهرة حديثة بدأت في الانتشار بداية سنة 2004، وهي نتيجة تنامي ثقافة الهجرة التي تطورت بشكل كبير مؤخرا، جاءت كتعبير ودلالة على سخط الشباب ورفضه للمجتمع والنظام بصفة عامة. وقد قدم منطقة سيدي سالم بعنابة كنموذج لمنطقة أصبحت معبرا للحراقة خاصة السكان القاطنين بها، كما يؤكد المتحدث ذاته من خلال نتائج الدراسة القائمة على " حراقة بين المغامرة بالحياة وتحيق الذات" أن أبرز ما يميز الحرقة كظاهرة أنها ذكورية خالصة تقريبا، ويبدأ التفكير فيها في سن مبكر وذلك بدافع عوامل عديدة كالتفكك الاجتماعي المبكر، وهو ما يعكس بالدرجة الأولى المعاناة العائلية. في حين اعتبر الدكتور نصير بن حالة، أن المراهقة كمرحلة يمر بها الشاب في حياته تعتبر أزمة، سيما وأن هذه المرحلة تتميز يتغير وسائل الاتصال وطرق الاستيعاب والادراك لدى الشباب الجزائري، وكذا تغير الاعتقادات المرتبطة بذات الآخرين. فيما تعتبر الدكتورة مزياني فتيحة، أن العمل وسيلة لإشباع حاجات الشباب النفسية والاجتماعية، وحرمانه منها يجعله يشعر بنوع من الكبت والحرمان الاجتماعي وبفقدانه يصبح الرد عاجزا عن تحقيق ذاته. بينما تؤكد الدكتورة بلعسلة فتيحة، أن الشباب وفي ظل كل هذه التحولات الاجتماعية الحاصلة، وما صاحبها من الهواجس والضغوطات النفسية أدخلته في ما يسمى "بقلق المستقبل"، والتخوف مما سيواجهه مستقبلا. المختصون:" التحولات الاجتماعية حتمية علينا مسايرتها بأحسن الطرق والوسائل" وقد خلص مجموعة الأساتذة والباحثين في هذا المجال إلى مجموعة من التوصيات تتمحور بشكل رئيسي من خلال، محاولة فرض رقابة على الطالب على مستوى المدرسة على مستوى القسم الجامعة، ونأخذ بيده درجة من أجل أن يلج هذا العالم الافتراضي بطريقة معقولة وبالتالي يستخدم بشكل أمثل لهذه الثورة المعلوماتية والتكنولوجيا الحديثة في ما يفيده وما يفيد تعليمه . كما يأمل البروفيسور حبيب تيليوين، أن تعطى الدراسات التي أقيمت في هذا المجال والتوصيات التي خلص اليها الأساتذة والمختصون في هذا المجال، أهمية وتولى النتائج التي تم الوصول إليها عناية وكذا تطبيقها على أرض الواقع ولما لا. الخروج باستراتيجية عامة وميدانية تمكن الشباب من الاندماج في التحولات الاجتماعية، تقديم الحلول المقترحة في هذا الملتقى وتعميم نتائجها على مختلف مناط الوطن.