· المنسق إداري بمركز ماري كوري: " إنسانيتنا تدفعنا للعمل... و الأولوية للحالات الخطيرة" يقال إن "مصائب قوم عند قوم فوائد"، وهو ما ينطبق فعلا على حالة المواطن البسيط الذي وجد نفسه بدون أي ذنب، يدفع فاتورة قرارات زياري الموصوفة بالجائرة، و إضرابات موظفي القطاع التي لا تنتهي، وهو ما أجبر المواطن العادي الى التوجه الى العيادات الخاصة التي تعتبر أكبر مستفيد من ذاك كله. ياسمين بودوادي/ حميدة بوعيشة يتواصل مسلسل معاناة المواطن الجزائري، في الحصول على الخدمات التي يحتاجها في حياته اليومية، ومع تجدد أحداث كل حلقة إضراب تتجدد معه مشاكل القطاعات المسؤولة عن توفير هذه الخدمات، على رأسها قطاع الصحة الذي كان وما يزال يتخبط بين نقص الأدوية، تدني مستوى الخدمات، النقص الفادح في الهياكل، وشكاوى ومطالب الأطباء، الممرضون، ومختلف موظفي الصحة. وإن كان المواطن الجزائري قد تعود على مثل هذه المشادات والأخذ والرد، إلا أنه لا يستطيع أن يتقبل التجاوزات الإنسانية في حقه، والتي تتكرر أو تتفاقم في كل مرة، فرغم أن أغلبية المواطنين لا يعارضون إضرابات قطاع الصحة، لأنهم يعيشون نفس الوضع الاجتماعي، إلا أنهم وجدوا أنفسهم بين مطرقة مطالب مشروعة، وسندان وضعيتهم الصحية التي تحتاج إلى المتابعة والعناية اللازمة. الإنسانية تضرب عرض الحائط ... حتى تسوى مشاكل موظفي القطاع وببالغ الحزن الممزوج بالغضب راح يحدثنا أمين من ولاية تيزي وزر، الذي التقيناه به صدفة في مستشفى مصطفى باشا الجامعي بالعاصمة، يقول أنه طيلة أسبوع كامل لم يذهب الى العمل لا لشيء سوى أن يعاد النظر في ملف أمه التي تعاني من ورم على مستوى المعدة، و بلغة شديدة اللهجة يعتبر أمين أن هذا الأمر ظلم، "والله لا يعقل أن أترك والدتي تصارع الموت في المنزل، مدة أسبوع ولم تسوى وضعيتي أو يستقبلني أحد". بقي كالكرة تتقاذف من شخص الى أخر ومن مصلحة الى اخرى، ليكون الخلل في نهاية المطاف بسيطا لم يستحق سوى بضع دقائق اطلع من خلالها أحد المسؤولين في المستشفى وهذا بحضورنا على ملفات المريضة، ليكتشف أن المواطن لا ذنب له في ذلك كله ولم يستحق الأمر سوى قيام هذا الأخير بدوره، بدل التلاعب بالمريضة وأهلها طيلة الأسبوع، وان المشكل الأساسي يكمن في سوء فهم بسيط كان في ملف المريضة. وغير بعيد عن قصة أمين في معاناته مع المستشفيات الجزائرية، قصة والد حمزة هي أيضا نموذج لمواطن بسيط لا حول ولا قوة له، سوى أنه ابتلاه الله بمرض كما ابتلاه في الوقت ذاته على الصبر ليس في سبيل المرض فقط، بل حتى على واقع المستشفيات التي يعالج فيها حيث يقول حمزة : " تزامن وجودي أمس بمستشفى محمد إدير بتيزي وزو، رفقة والدي المصاب بالتهاب الكلى والذي سيخضع لإجراء عملية جراحية خلال الأيام المقبلة، أقول خلال الأيام المقبلة، لأن حالته تقف تحت رحمة الصراعات بين زياري وأصحاب المآزر البيضاء"، لأنه وعلى حد تعبيره، "أصحاب هذه المهنة اليوم أصبحوا لا يخدمون سوى مصالحهم الشخصية". يواصل حمزة شهادات المعاناة في مستشفياتنا، اذ يقول أن أحد المضربين وبكل عبارات القسوة في رده على طلب والد كرسيا متنقلا لإدخال ابنته المريضة الى المصلحة في ذات المستشفى، رد عليه صاحب المخزن قائلا: " رانا مقرفين" والأدهى من ذلك كله عندما تمادى في وقاحته بقوله له " إذا لم تمت الطفلة ...أنا كيفاش يوصل صوتي للوزارة... " . الدكتورة مسعودي: " العيادات الخاصة الحل الوحيد ...ولكن إمكانياتها محدودة " تعتبر الدكتورة مسعودي، صاحبة إحدى العيادات الخاصة، أن المواطن البسيط وحده من يتحمل نتيجة قرارات لا يفقه فيها شيئا، خاصة الحالات الخطيرة التي لم تستقبل في بعض المستشفيات، والتي يعود الدور فيها إلى الدولة التي اتخذت موقف المتفرج على كل ما يحدث، مؤكدة في الوقت ذاته، أن الذين يقومون بالإضراب هم أيضا لديهم الحق، وليس لهم ذنب في كل ما يحدث، لأنهم و بدورهم يعانون مثلهم مثل المرضى من قرارات تعسفية لا صلة لهم بها . كما تضيف ذات المتحدثة، في تصريحها " أنا شخصيا أساند المضربين مع أنني أملك عيادة خاصة بي، لكن اذا اقتضى الأمر وطلبوا مني الانضمام اليهم سألبي طلبهم دون أي شروط، ولكن في مقابل ذلك كله، تعتبر أن الجانب الانساني الذي يحمله الطب كمجال يجعلهم يعملون حتى بأدنى الخدمات. وفي تعليقها حول اقبال المواطنين خلال فترة الاضراب على العيادات الخاصة تقول : " ان المواطنين الموجودين في المستشفيات هم أناس بسطاء، ولا يمكنهم اللجوء الى العيادات الخاصة نظرا لغلاء التكاليف خاصة تلك المتعلقة بالأمراض الخطيرة، و عليه نحن نستقبل يوميا المرضى بشكل عادي ولو أن عددهم قد ارتفع قليلا مقارنة بالفترات العادية، لأن المواطن سئم من الذهاب كل يوم الى المستشفى، وعليه فهو يتوجه مباشرة الى العيادات الخاصة تفاديا للمشاكل التي يجدها هناك. وقد استثنت ذات المتحدثة في تصريحها، الحالات الخطيرة التي تتجاوز امكانيات العيادات الخاصة والتي لا يمكن أن تعالج الا في المستشفى كالأمراض الخطيرة مثلا. المنسق إداري بمركز ماري كوري: " إنسانيتنا تدفعنا للعمل... و الأولوية للحالات الخطيرة" وفي سياق أخر يرى بيطاطا نور الدين، المنسق إداري بمركز ماري كوري، أن الاضرابات في قطاع هذا القطاع الحساس التي تتعلق بمرض حساس جدا وهو السرطان قد تم العمل أدنى حد، وقد استقبلنا المرضى بشكل عادي جدا، وهو نفس الأمر في المصالح الطبية الأخرى في مستشفى مصطفى باشا، لأن مرضى السرطان حسبه حالاتهم حساسة جدا ولا يمكن أن تركهم أو تأجيلهم لوقت لاحق، حيث يقول : " ونحن نستقبل نسبة حوالي نسبة 80% من المرضى، ومختلف الدكاترة والأطباء زاولوا عملهم بطريقة عادية رغم تواصل الاضراب. وعن الأساس الذي من خلاله يتم استقبال المريض، يقول ذات المتحدث " أن الأولوية تكون للمرضى الذين يزاولون العلاج في ذات المستشفى منذ مدة طويلة، بينما المرضى الجدد يمكن أن يتم استقبالهم في وقت آخر، سيما اذا كانت حالتهم يمكن تأجيلها كالتحاليل و الفحص الكاشف مثلا. مضيفا في ذات الوقت، "نحن نقوم بدورنا، ونقدم كل ما بوسعنا لخدمة المرضى حتى بأدنى معدلات الخدمة، وليس لنا ذنب في كل ما يحدث، و المريض هو المتضرر الوحيد في ذلك". وأنا بصفتي إداري لا يمكنني أن أقوم إلا بدوري المتمثل في توجيه المريض، وليس من صلاحياتي أن أقرر نوع الحالة ان كانت خطيرة أو العكس.