لم تكتفي المرأة الجزائرية بدخول عالم السياقة، بل تعدت ذلك إلى منافسة الرجل في الطرقات، لتسجل حضورا أكبر في مدارس تعلم السياقة، خاصة بعد أن أصبحت قادرة على امتلاك سيارة، نتيجة الإستقلالية المادية، وهو الأمر الذي لم يهضمه بعد الكثير من الرجال في المجتمع الجزائري، الذي لا يزال بحسب علماء الاجتماع مجتمعا ذكوريا.. تمكنت المرأة الجزائرية في السنوات الأخيرة, من انتزاع حريتها, وتحقيق استقلاليتها، والتخلص من كل العادات والأحكام البالية التي كانت تقيدها, حيث لم تعد تكتفي بحصولها على أعلى الشهادات الدراسية والمهنية فقط, بل صارت تسعى لإثبات ذاتها وقدراتها, من خلال اكتساحها لمجالات كانت بالأمس القريب محظورة عليها, وجرأتها على اقتحام مهن لطالما كانت حكرا على الرجل, حيث استطاعت مؤخرا دخول عالم السياقة بجدارة, ومشاركة الرجل مهام الطرقات يوميا, بل استطاعت أن تواجهه وتشاركه شغف القيادة, مبددة كل المخاوف التي عادة ما تنتاب المرأة عند سياقة السيارة, ومتحدية كل الصعاب التي قد تواجهها, واليوم لا عائق يحول بينها وبين رخصة السياقة, أو يمنعها من امتلاك وقيادة السيارة. 40 بالمائة من مستعملي الطريق في الجزائر هن نساء ومن مظاهر أثبات المرأة الجزائرية لمكانتها وراء المقود, ذلك الغزو الذي تعرفه الشوارع الجزائرية من قبل سائقات من جميع الأعمار, ومختلف الفئات الاجتماعية, خاصة وأن القانون الجزائري على عكس العديد من دول الخليج, منحها الحق في الحصول على رخصة السياقة, فهو لا يشترط مستوى علمي معين, ولا يربط القيادة بسن محدد, فجميع النساء لهن الحق في القيادة ما دمن راغبات في ذلك, ما أدى لارتفاع نسبة النساء الجزائريات السائقات، إلى 40 بالمائة من إجمالي عدد مستعملي الطريق في الجزائر، وهذا ما يفسر امتلاء طرقات المدن الجزائرية الكبيرة, وحتى الداخلية بسائقات الصغيرات منهن وحتى المسنات, فيوم عن أخر تزداد نسبة امتلاك المرأة في الجزائر للسيارة, حيث يؤكد بعض العاملين في مصلحة البطاقة الرمادية ارتفاع نسبة امتلاك المرأة للسيارة بأكثر من 60 بالمائة, مقارنة بالسنوات القليلة الماضية، فاقتنائها لم يعد يقتصر على النساء العاملات فقط, بل حتى ربات البيوت صاروا يسعون لشراء سيارة وقيادتها, لقضاء حاجيات البيت, خاصة في حالة غياب الزوج. صاحب مدرسة تعليم سياقة: "النساء أكثر إقبالا على مدارس السياقة من الرجال" وتشهد مدارس تعليم السياقة هي الأخرى، إقبالا كبيرا من قبل النساء الراغبات بالحصول على رخصة القيادة, حيث يؤكد "عبد القادر", وهو صاحب مدرسة تعليم سياقة بباب الزوار, أن نسبة النساء المقبلين على اجتياز اختبارات السياقة الخاصة بقيادة مركبة ذات الوزن الخفيف, في الآونة الأخيرة صارت تتجاوز نسبة الرجال, خاصة فئة الطالبات الجامعيات, فهن الأكثر رغبة في القيادة حسبه حديثه، كما أكد ذات المتحدث، أنهم لا يجدون أي صعوبة في تعليم الفتيات والنساء دروس السياقة النظرية أو التطبيقية، حيث يتبعون التعليمات بدقة، ويتقبلون الانتقادات الموجهة إليهم بكل رحابة صدر، على عكس الرجال الذين يرفضون الانتقادات أو التوجيهات، نتيجة ثقتهم الزائدة في انفسهم. بين الضرورة والبريستيج.. المرأة الجزائرية خلف المقود وهذا فيما يفسر البعض هذا الإكتساح الكبير الذي حققته المرأة الجزائرية في مجال سياقة السيارات، إلى جملة من المتغيرات السوسيومهنية كتقلدها لمناصب راقية في المجتمع, منحتها استقلالية مادية, وثقة بالنفس مكنتها من امتلاك السيارة وقيادتها بكل حرية, فالعديد من هؤلاء النساء هن من أصحاب الوظائف المرموقة, وهن يعتبرن أن امتلاكهن لسيارة ضرورة حتمية، بالنظر إلى وظائفهن, حيث تؤكد "فلة" وهي إطار بمؤسسة "نفطال", أن مركزها الحساس أجبرها على إمتلاك السيارة حفاظا منها على مكانتها وبرستيجيها الاجتماعي أمام الناس, كما ان الواقع الصعب للمواصلات في الجزائر، من نقص في وسائل النقل، الذي تعرفه اغلب المناطق الجزائرية، والذي أصبح يعيق حياة المواطن الرجل، فما بالك بالمرأة خاصة الموظفة, التي وجدت نفسها مضطرة للدوس على المكابح, فلا حل أمامها سوى القيادة, لتجاوز معاناة التنقل في فصل الشتاء، أو التنقل ليلا، وكذا العودة الى منزلها في الفترة المسائية، وخلال الاعياد والمناسبات، هذا بالإضافة إلى رغبتها في التحرر من ظل الرجل, والتخلي عن خدماته، اذ كثيرا ما يرفض ايصال المرأة لقضاء حاجاتها متذعرا باي حجة كانت, وفي هذا الصدد تؤكد "راضية", انها سجلت مجبرة في إحدى مدارس تعليم القيادة, وهي في عقدها الخمسين، وذلك من اجل الحصول على رخصة السياقة, في سبيل ايصال ابنتها الصغرى ذات الاحتياجات الخاصة, إلى مدرستها المتخصصة البعيدة على مقر سكانها, بعد ان رفض كل اخوانها الرجال القادرون على القيادة، تولي مهمة ايصال اختهم الصغرى المعاقة الى مدرستها في مواعيدها المحددة. "هن الأكثر عناية وحفاظا على السيارات " معروف على المرأة, و خاصة الجزائرية تفننيها واتقانها الكبير لأي عمل تقوم به, وهي تحمل معها هذا الحرص الى سيارتها, التي تعتبرها بيتها الثاني وتسعى للحفاظ عليها, وبإمكان اي أحد أن يلاحظ الفرق بين السيارة التي تملكها المرأة والسيارة التي تعود للرجل، الذي عادة ما يعرف بالإهمال واللامبالاة, ولأن المرأة شديدة الحرص على نظافة سيارتها, وتسعى للحفاظ عليها قدر المستطاع من الأعطاب والضرر, فإنه كثيرا ما أصبحت العبارة "السيارة كانت ملك إمرأة"، جد مكررة من قبل كل من يسعى لبيع مركبة، في محاولة منهم لإقناع المشترين, واعترافا بأن المرأة أكثر عناية وحفاظا على سيارتها, ليس هذا فحسب فالمرأة تعتبر ايضا أكثر رصانة فيما يخص قيادة السيارة, فهي أكثر تعقلا وتطبيقا لأبسط قوانين المرور, كما أنها تتفادى السرعة الفائقة في الطريق حرصا على سلامتها، وسلامة الاخريين, على عكس الرجل الذي يتصف بالتهور والاندفاعية عند مواجهته لأي موقف في الطريق, كما أنه لا يتوانى في زيادة سرعة السيارة كلما سنحت له الفرصة, ضاربا في كثير من الاحيان قوانين المرور عرض الحائط, وربما هذا ما أدى الى ارتفاع نسبة حوادث المرور المسجلة من قبل فئة الذكور.
آدم لا زال يرفض منافسة حواء .. وبالموازاة مع هذا الإقبال، الذي يعرفه عالم السياقة من طرف حواء، ما يزال آدم في الوقت الراهن يرفض، أن يجد منافسا له على المقود، فالكثير من الرجال في مجتمعنا الجزائري، يعارضون قيادة المرأة للسيارة، ولا يسمحون لها حتى بالحصول على رخصة السياقة، خاصة المتزوجات منهن، مثلما حدث مع ريم التي أكدت لنا أن خطيبها لم يسمح لها بمتابعة، امتحان السياقة، رغم أنها اجتازت بنجاح أول مرحلتين منه، متحججا بأنه لا حاجة لها برخصة السياقة، مادامت ستمكث في البيت بعد الزواج. كما أن الرجال يرجعون أي مشكل يواجههم عبر الطريق كالازدحام، إلى النساء معتبرين انهن لا يصلحن اصلا للسياقة، لأن المرأة بطبيعتها "خوافة"، بل يصل بهم الأمر إلى افتعال بعض المشاكل للسائقات، بطريقة مقصودة، ففي الكثير من الأحيان تكون أولوية المرور للمرأة إلا أن الرجال لا يحترمون حقها، ويتجاوزونها خارقين قوانين المرور