دعا المشاركون في فعاليات الملتقى الوطني الأول حول واقع الجريمة داخل المجتمع الجزائري، إلى ضرورة تكاتف الجهود بين مختلف الشرائح والمؤسسات لمحاصرة الجريمة، والتكفل الأمثل بالأبناء وتحسين العلاقات داخل الأسرة، وزرع ثقافة مساعدة الآخرين بالعمل على تفعيل إستراتيجية إعلامية تتكفل بطرح مشاكل فئة الشباب وتعزيز روح الانتماء للوطن، إضافة إلى انخراط الشباب في كافة مؤسسات المجتمع ونشاطاته الاجتماعية والثقافية والتربوية. وقد ناقش المشاركون في هذا الملتقى الذي دام يومين، بقاعة المحاضرات الكبرى بدار الثقافة هواري بومدين بسطيف، العديد من المحاور التي لها علاقة بالجريمة وتحديد دقيق لمفهومها بمختلف أنواعها من جرائم الأخلاق والعرض والسرقة وتعاطي واستهلاك المخدرات وجرائم الانترنت، والتي تفشت في المجتمع وعن طريق كافة شرائحه. وحسب المختصين، فإن الجريمة عبارة عن كل ضرر مادي ومعنوي يلحق فردا أو جماعة ويدان اجتماعيا، نفسا، أخلاقيا وقانونيا. المناسبة كانت فرصة للمختصين لعرض بعض الأرقام المسجلة التي تعرف ارتفاعا مذهلا داخل المجتمع الجزائري. وفي هذا السياق، كشف ممثل سلك الأمن الوطني بسطيف عن تسجيل مصالحه السنة المنقضية 45 قضية متعلقة بسرقة السيارات، و1892 حالة تتعلق بالسرقات المتنوعة، وبخصوص الاعتداء بالسرقة تم تسجيل 291 حالة، إلى جانب 117 قضية تتعلق بجرائم أخلاقية، و7 حالات اختطاف و6 حالات اغتصاب، فضلا عن تسجيل 1915 قضية تتعلق بالجرائم الأخلاقية منها الدعارة، ويبقى عنصر الرجال يسجل أكبر نسبة في هذه القضايا، حيث كشف نفس المصدر عن عدد 4809 رجل متورط في هذه القضايا، إلى جانب 313 امرأة و462 قاصر، وهو ما يدل على أن الجريمة انتشرت عبر مختلف شرائح المجتمع. أما عن الأسباب والدوافع التي تتسبب في ارتكاب الجرائم، أوضح الأستاذ خالد عبد السلام في دراسة قدمها، أن من بين العوامل الثقافية والاجتماعية، وجود اختلال ميزان القيم في المجتمع، تمجيد القوة والعنف والخشونة واعتبارها فحولة ورجولة. فيما ينظر إلى التعقل على أنه نية وضعف شخصية، إضافة إلى اعتبار التحايل والغش والربح بالطرق غير الشرعية فحولة و"قفازة"، على حد تعبيره. هذا الواقع المعاش وسط المجتمع الجزائري، لاسيما فئة الشباب، انتشر بكثرة. أما العوامل الاجتماعية، فلخصها الأستاذ خالد عبد السلام في ضعف العدالة الاجتماعية والكيل بسياسة المكيالين، خصوصا في ظل تفاقم أزمة البطالة التي تنخر عقل الشباب، إضافة إلى تفكك الأسرة وتعامل الآباء بالقسوة والعنف مع الأبناء، ما ينعكس بالسلب عليهم وعدم التواصل معه وكبت المشاعر والغضب والقلق، وغيرها من العوامل. تجدر الإشارة إلى أن الملتقى الوطني الأول حول واقع الجريمة داخل المجتمع الجزائري، بادر إلى تنظيمه النادي العلمي للولاية، بالاشتراك مع مخبر علم النفس العيادي لكلية العلوم الاجتماعية بجامعة فرحات عباس، وعرف مشاركة واسعة لأساتذة وباحثين من مختلف كليات وجامعات الوطن.