تذكرت وأنا أضع هذا العنوان، صاحب "معركة المفاهيم" الدكتور عبد الله شريط الذي رحل عنا في الأيام الماضية، فألف رحمة عليه، كونه الرجل الذي التفت إلى التغيرات التي عرفها سلوك الناس بما غيّر مفاهيمهم. إني أتساءل اليوم عن هذا التغير، ما إذا كان علامة صحة أم علامة من علامات التخلف الأخرى اللصيقة بالمجتمع العربي بصفة عامة؟ ومن جملة ما يلاحظ في سلوك الناس، العامة منهم والخاصة، تحليل الحرام، وقد يصدر هذا السلوك من أشخاص يحتلون الصفوف الأولى بالمساجد، وإذا حدثتهم عن أمور الدين وجدتهم أعلم الناس بالحلال والحرام، غير أنهم في سلوكهم، هم أبعد الناس عما تنطق ألسنتهم و يبديه ظاهر سلوكهم. فهم في المجامع أنبياء وفي عالمهم الخاص شياطين. والغريب أن هذا السلوك الذي كان يصدر عن فئة من أصحاب الأموال المكتسبة بهذه الطرق الاحتيالية، امتد تأثيره لعموم الناس، فأصبح الغش والخداع سمة من سماتهم، ذلك ما لمسته من ملاحظة أحد الأقارب الذي رمى على وجهي بعبارة- وهو ممن تنطبق عليه الصفات الآنفة الذكر- تقول:" ماكش شاطر!"، لأن الشطارة عنده هي أن تحتال لتكوين ثروة، وعدم الاكتفاء بالوظيفة، بل يجب، حسب مفهومه أن أسرق من وقت الوظيفة للدخول في عمليات بزنسة مثله، كي أكون شاطرا. لا أخفي عليكم، بأنني أحس نفسي أحيانا متخلفا ماديا ومعنويا وثقافيا وحضاريا وكل ما إلى ذلك، وأنا أقارن نفسي به، ولا يخلصني من هذا التفكير الدخيل، سوى ذلك الميزان العقلي الذي أنصبه كلما استجدت أمور على حياتي.. فألف شكر وحمد لله على أنه أودع في هذا الميزان، ودعائي أن يستخدم كل ذي عقل عقله لكبح جماح النفس الجارية وراء كل بهرج، ذلك أقرب للطبيعة الإنسانية، خاصة ونحن نستقبل شهر التوبة والغفران!