دق المتعاملون الاقتصاديون الناشطون في "شعبة الحليب" عبر مختلف ولايات الوطن ناقوس الخطر الذي يتهدد القطاع، حيث يندر الوضع بأزمة خانقة في التموين بداية من الخريف المقبل بسبب نفاد المحزن الوطني من الغبرة المستوردة والمنتجة محليا، وأيضا تماطل الوصاية في الاستجابة لمطالب المهنيين في ظل استفحال سلوكيات المضاربة التي ينتهجها بعض المنتجين الخواص الناشطين في مجال تحويل الحليب. يشتكي العديد من المحولين الخواص من سياسة الإقصاء والتهميش التي ينتهجها الديوان الوطني المهني للحليب ومشتقاته، وكذا المجلس الوطني المهني للحليب، اتجاه العديد من مركبات التحويل عبر الوطن، حيث يعمد إلى توقيف تموينها دوريا بمسحوق الحليب المستورد والذي يعد المادة الأساسية في صناعة المادة وأيضا تجاهله للمطالب العديدة التي رفعوها مند مدة تزيد عن السنة، الأمر الذي يندر بأزمة خانقة ستشهدها معظم ولايات القطر الوطني خلال الأسابيع القليلة المقبلة. ارتفاع الطلب على حليب البقر الطازج والمسحوق المعبأ إلى مستويات عالية وقد بدأت بوادر هذه الندرة تلوح في الأفق منذ أيام، حيث سجلت ندرة واسعة في أكياس الحليب المدعم بولايات شرق البلاد بسبب توقف العديد من مركبات ووحدات التحويل بولايات المسيلة وباتنة، وبدرجة أقل ولاية قسنطينة، عن النشاط لذات الأسباب، الأمر الذي دفع بالطلب على مسحوق الحليب المعبأ محليا يتضاعف بنسبة 200 بالمائة منذ نهاية أوت الماضي، وتوجه الأسر إلى اقتناء حليب الأبقار الطازج الذي قفز سعره من 40 دج للتر الواحد إلى حدود 70 دج، وذلك بالنظر الى تزايد الطلب الاستهلاكي الإجمالي أمام قلة العرض، على اعتبار أن مراكز الجمع لا تلبي سوى 20 بالمائة من الطلب العام. وقد عمد العديد من تجار التجزئة في ولايات شرق البلاد، إلى إجبار المواطنين على شراء مشتقات الحليب مثل الأجبان والياغورت والزبدة مقابل كيسين فقط من الحليب المدعم. الديوان يطمئن ويؤكد أن الوضع لا يستدعي كل هذا التهويل وفي وقت تصاعدت لهجة المهنيين الاقتصاديين الناشطين في شعبة الحليب من جراء استمرار سياسة "الأذن الصماء" التي تنتهجها الوصاية حيال جميع المطالب التي سبق أن رفعوها، سواء عن طريق "القنوات النقابية" أو بيانات مجالس الإدارات العامة لمركبات التحويل، إلا أن الديوان الوطني المهني للحليب وفي خضم هذه الزوبعة يخرج عن صمته ليؤكد أن جميع معطيات المحولين مغلوطة، موضحا أن المخزون الوطني من بودرة الحليب المستورد، خصوصا من هولندا ونيوزيلندا كاف لتلبية الطلب الوطني إلى غاية شهر ديسمبر المقبل، وهي التأكيدات التي سبق وأن أعلن عنها خلال اجتماعاته نهاية شهر مارس الماضي مع مسؤولي وزارة الفلاحة والتنمية الريفية وكذا وزارة التجارة. وقد طمئن الديوان الوطني للحليب المواطنين بضمان التموين بشكل عاد خلال الأشهر الأربع الأخيرة من العام الجاري 2010، لكنه لم يخف استياءه من التذبذب الذي سجل خلال الفترة الأخيرة عبر العديد من ولايات الوطن والذي أرجعه بالأساس إلى ارتفاع الطلب إلى مستويات غير اعتيادية، وخصوصا خلال شهر رمضان الجاري، حيث تضاعف الطلب بنسبة 100 بالمائة. المضاربة و"عقلية الربح السريع" وراء التذبذب في التموين ويرجع الديوان الوطني المهني للحليب الأزمات المتفرقة المحلية التي تسجل في المناطق الداخلية خصوصا، إلى استمرار المضاربة وسلوكيات الربح السريع التي تنتهجها قلة من مصانع ومركبات التحويل في إشارة ضمنية من الديوان لتبرير إجراءاته ضد هذه المركبات بحرمانها من التموين بغبرة الحليب المستورد، مؤكدا أن الوضع لا يستدعي كل هذا التهويل ومطمئنا المواطن المستهلك بأن الوضع سيعود إلى طبيعته مباشرة بعد نهاية شهر رمضان الجاري. الجزائر تستورد 80 % من حاجياتها من غبرة الحليب من نيوزيلندا وهولندا لا تزال الجزائر تتصدر البلدان الإفريقية على صعيد استيراد غبرة الحليب من الأسواق الخارجية، حيث ما تزال نسبة الاستيراد تتراوح ما بين 75 و80 بالمائة، وهي قادمة أساسا من نيوزيلندا الر ائدة عالميا في إنتاج مسحوق الحليب المحول، وبدرجة أقل هولندا. وتبقى فاتورة استيراد غبرة الحليب مستقرة مقارنة بفواتير استيراد المواد الأساسية الأخرى، التي شهدت في الفترة الأخيرة تراجعا بنسب متفاوتة.