مرة أخرى وضع الرئيس الفرنسي نفسه في ورطة حقيقية، بعد إصراره على محاولة تجاهل الجزائر في مسالة أمن الساحل الصحراوي، والأكثر من هذا محاولة عزلها من أجل أغراض سياسية وأهداف أقل ما يقال عنها بعيدة كل البعد عن الدبلوماسية . بطريقة أو بأخرى خرق الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، القانون الذي مررته الجزائر والقاضي بتجريم كل من يقدم فدية للإرهابيين، ليجد اليوم الرئيس الفرنسي نفسه عالقا في مخالب الجماعات الإرهابية التي صار ممولا لها من خلال تقديمه للفدية في سبيل إنقاذ رهائن فرنسيين، وهو ما حذرت منه الجزائر أكثر من مرة واستنكرته معتبرة أن هذا العمل سيشجع الجماعات الإرهابية على تصعيد عملياتها ضد الأجانب بعدما وجدت في بعض الدول الأوربية وعلى رأسها فرنسا ممولا لها من خلال الفدية التي تطلبها والشروط الأخرى ممثلة في إطلاق سراح عناصرها المسجونين في مالي أو موريتانيا، عملية الاختطاف الأخيرة التي تمت على مستوى دولة النيجر والتي مست راعيا فرنسيين اثبت بعد نظر السلطات الجزائرية في مجال من شريط لاساحل الصحراوي، وهو ما تجازته فرنسا وجعلها تتصرف منفردة، لتجد نفسها اليوم مكبلة بمطالب الجماعات الإرهابية التي صارت فرنسا ممولا لها من خلال تقديم الفدية لها، والظاهر أن الرئيس الفرنسي الذي أخذه غروره للعمل بمعزل على الجزائر وإفساد كل مشروع أمني جزائري في منطقة الساحل سيجد نفسه هذه المرة مضطرا لطلب المساعدة من الجزائر، ولو بطريقة غير مباشرة، وفي الوقت الذي كان يتوجب على فرنسا العمل بعدم تقديم فدية للإرهابيين راحت تغرد خارج السرب معتقدة أنها ببعض العمليات الإستعراضية التي اثببت فشلها الذريع، او من خلال تقديم فدية لإنقاذ أرواح رهائنها يمكنها محاصرة الجماعات الارهابية والتاثير عليها لتنقلب الأمور عليها وتجد نفسها محاصرة من طرف هذه الجماعات، والسؤال الآن ماذا يمكن أن يفعل التجمع الاقليمي الذي نادت به فرنسا في دول الساحل والذي استثنت منه الجزائر من أجل سحب البساط من تحت أرجلها واسندت قيادته إلى المغرب، من أجل انقاذ أرواح هؤلاء الفرنسيين، والخلاصة أنه كان يتعين على ساركوزي أن لا يأخذ الأمر بخلفية تارخية وسياسية، أو بعقلية استعلائية تجاه الجزائر حتى يحفظ شعبيته، ويحفظ كرامته، والآن بعدما ورط الرئيس الفرنسي نفسه ورعاياه في هذه القضية بات محتما عليه الرجوع إلى الجزائر، وإلا فإن عمليات الخطف ستستمر ضد الفرنسيين ما دام الخزينة الفرنسية تدفع وتل الإرهاب رغم الأزمة الاقتصادية التي تعصف بفرنسا، والأكيد أن العملية الأخيرة ستضع مصداقية الرئيس الفرنسي على المحك سواء أمام شعبه أو الرأي العام الدولي .