قال لي صديقي الأستاذ و نحن نتكلم عن الجزائر: شيء لا يريد أن يدخل في رأسي.. هذا الوضع الاجتماعي المتناقض كما يبدو لي، غير منطقي، لا يريد عقلي هضمه..! لم أفهم مراده تحديدا، فقلت له: وضح كلامك.. ليت في نفس الخط معك! فقال: ألا ترى أن كل شيء زائف في واقعنا؟ فالناس في حديثهم الشاكي والباكي كلهم فقراء محتاجين، و عندما تتجول في الأسواق، كل الأسواق، سوق المأكولات، سوق الملبوسات، سوق الكهرومنزيات، سوق السيارات، سوق السفر، و ما إلى ذلك من الأسواق التي تستهلك المال، تجد الناس يتزاحمون لاقتناء الحاجيات، حتى سوق الاستشفاء من مصحات و صيدليات ، يتقني الناس خدماتهم بالتدافع، ألا ترى أن هناك خللا ما في مكان..أم أنا أنظر بعين عوراء؟ إن الواقع الذي تتكلم عنه، من التعقيد بحيث لا يستطيع مثلي و مثلك أن يفك رموزه، و لكن بإمكاننا، نحن، و من منطلق وضعنا، أن نقدم تفسيرا، على قدر وضعنا، فأنت مثلا موظف لك أجر واحد ووحيد، عندما تتواجد في سوق المأكولات لا يمكن لك أن تدخل بعدها سوق الملبوسات، وأما أنا الذي له دخل من الوظيفة، ودخل من تجارة، فيمكنني أن أتواجد في السوقين معا.. قاطعني ليواصل الفكرة التي أريد أن أبلغه إياه، فقال:.. يعني أن الجزائري، عليه أن يعمل في أكثر من عمل أو وظيفة لكي يستطيع أن يصل طرفي الشهر بسلام! تلك هي الحقيقة، التي تجبر بعض الناس ضعيفي النفوس، أيضا أن يلجأوا إلى مد أيديهم للمال العام ، تلبية لجموح النفس المنجذبة بإغراءات السوق الكثيرة..